للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يُوكِّلُ الزَّوجُ حكَمَه في التَّطليقِ عليهِ وبقَبولِ العِوضِ في الخُلعِ، وتُوكِّلُ المرأةُ حكَمَها ببَذلِ العِوضِ وقَبولِ الطَّلاقِ.

قالَ أبو بكرٍ الجَصاصُّ : قالَ أصحابُنا: ليسَ للحكَمَينِ أنْ يُفرِّقَا إلَّا أنْ يرضَى الزَّوجُ؛ وذلكَ لأنَّه لا خِلافَ أنَّ الزَّوجَ لو أقَرَّ بالإساءةِ إليها لم يُفرِّقْ بينَهما ولم يُجبِرْه الحاكمُ على طلاقِها قبلَ تَحكيمِ الحكَمينِ، وكذلكَ لو أقَرَّتِ المرأةُ بالنُّشوزِ لم يُجبِرْها الحاكِمُ على خُلعٍ ولا على رَدِّ مهرِها، فإذا كانَ كذلكَ حكْمُها قبلَ بَعثِ الحكَمَينِ فكذلكَ بعدَ بَعثِهما، لا يجوزُ إيقاعُ الطَّلاقِ مِنْ جهتِهما مِنْ غيرِ رضَى الزَّوجِ وتوكيلِه، ولا إخراجُ المهرِ عَنْ مِلكِها مِنْ غيرِ رضاها، فلذلكَ قالَ أصحابُنا: إنهُما لا يجوزُ خلعُهما إلَّا برِضَى الزَّوجينِ، فقالَ أصحابُنا: ليسَ للحكَمَينِ أنْ يُفرِّقَا إلا برضَى الزَّوجينِ؛ لأنَّ الحاكمَ لا يَملكُ ذلكَ، فكيفَ يَملكُه الحكَمانِ؟! وإنَّما الحكَمانِ وكيلانِ لهُما، أحَدُهما وَكيلُ المَرأةِ والآخرُ وكيلُ الزَّوجِ في الخُلعِ أو في التَّفريقِ بغيرِ جُعلٍ إنْ كانَ الزَّوجُ قد جُعِلَ إليهِ ذلكَ … والحكَمانِ في الشِّقاقِ إنَّما يتصرَّفانِ بوكالةٍ مَحضةٍ كسائرِ الوَكالاتِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والشَّافعيةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ


(١) «أحكام القرآن» (٣/ ١٥١، ١٥٢)، ويُنظر: «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٤٤)، و «البيان» (٩/ ٥٣٢، ٥٣٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٣٤)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٢٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٨)، و «المغني» (٤/ ٧٢٢٤)، و «المبدع» (٧/ ٢١٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>