للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصَّ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الزَّوجَ يَعظُ زوْجتَهُ إذا ظهَرَتْ عَليها أماراتُ النُّشوزِ بقَولٍ أو فِعلٍ وإنْ لم تَنشزْ فِعلًا.

ف (أمارتَهُ بالقَولِ): هو أنْ يَكونَ مِنْ عادَتِه إذا دَعاهَا .. أجابَتْهُ بالتَّلبيَةِ، وإذا خاطَبَها .. أجابَتْ خِطابَهُ بكَلامٍ جميلٍ حسَنٍ، ثمَّ صارَتْ بعدَ ذلكَ إذا دعاها .. لا تُجيبُ بالتَّلبيَةِ، وإذا خاطَبَها أو كلَّمَها .. لا تُجيبُه بكَلامٍ جَميلٍ.

و (ظُهورُ أمارَتَه بالفِعلِ): هو أنْ يكونَ مِنْ عادتِه إذا دَعاها إلى الفِراشِ .. أجابَتِه باشَّةً طَلِقَةَ الوَجهِ، ثمَّ صارَتْ بعدَ ذلكَ تأتيهِ مُتكَرِّهةً، أو كانَ مِنْ عادَتِها إذا دَخلَ إليها .. قامَتْ لهُ وخدَمَتْه، ثمَّ صارَتْ لا تقوُمُ لهُ ولَا تَخدِمهُ.

فإذا ظهَرَ له ذلكَ منها .. فإنَّه يَعِظُها، ولا يَهجُرُها ولا يَضرِبُها؛ لأنَّه يُحتمَلُ أنْ يكونَ هذا النُّشوزُ بِفِعلهِ فيما بعدُ، ويُحتَملُ أنْ يكونَ لِضيقِ صدرٍ مِنْ غيرِ جهةِ الزَّوجِ أو لِشُغلِ قلبٍ.

ويُذكِّرُها بما رواهُ أبو هُريرةَ عنِ النَّبيِّ قالَ: «إذا دعَا الرَّجلُ امرأتَهُ إلى فِراشِه فأبَتْ فلمْ تأتِهِ فباتَ غَضبانَ عليها لعَنَتْها الملائِكةُ حتَّى تُصبِحَ» (١).

وعن طَلْقِ بنِ عليٍّ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «إذا الرَّجلُ دعَا زوْجتَه لحاجتِهِ فلْتأتِه وإنْ كانت على التّنُّورِ» (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٤١).
(٢) رواه الترمذي (١١٦٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٤١٦٥) قال القاري في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (٦/ ٣٦٩): أي: وإنْ كانَتْ تَخبِزُ على التنورِ، معَ أنهُ شُغلٌ شاغِلٌ لا يتفرَّغُ منه إلى غيرِه إلَّا بعدَ انقِضائِه، قالَ ابنُ المَلِكِ: وهذا بشَرطِ أنْ يكونَ الخبزُ للزَّوجِ؛ لأنهُ دعاها في هذهِ الحالةِ، فقدْ رَضيَ بإتلافِ مالِ نفْسِه، وتلَفُ المالِ أسهَلُ مِنْ وُقوعِ الزَّوجِ في الزِّنا. ويُنظَرُ: «تحفة الأحوذي» (٤/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>