للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قَولُ النَّبيِّ : «لا تَمنعُوا إماءَ اللهِ مَساجِدَ اللهِ»، ورُويَ: «لا تَمنعُوا نِساءَكُم المَساجِدَ» أنهُ لو لم يَكنْ للزَّوجِ إذنٌ في ذلكَ لَأمَرَها أنْ تَخرجَ أَذِنَ أو لم يَأذنْ.

وللعلماءِ فيهِ تأويلاتٌ:

أحَدُها: أنهُ أرادُ بهِ الاستِحبابَ في غَيرِ ذَواتِ الهَيئاتِ.

والثَّاني: أنهُ أرادَ بهِ الاستِحبابَ في الجُمَعِ والأعيادِ.

والثَّالثُ: أنهُ أرادَ بهِ المَسجدَ الحَرامَ إذا أرادَتِ الحَجَّ، وهذا التَّأويلُ ضعيفٌ؛ لأنهُ قالَ: «مَساجدَ اللهِ» وذلكَ جَمْعٌ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ رَجبٍ : ولا نَعلمُ خِلافًا بيْنَ العُلماءِ أنَّ المرأةَ لا تَخرجُ إلى المَسجدِ إلَّا بإذنِ زَوجِها، وهوَ قولُ ابنِ المُبارَكِ والشَّافعيِّ ومالكٍ وأحمَدَ وغَيرِهم، لكنْ مِنْ المُتقدِّمينَ مَنْ كانَ يَكتفِي في إذنِ الزَّوجِ بعِلمهِ بخُروجِ المرأةِ مِنْ غيرِ مَنعٍ، كما قالَ بَعضُ الفُقهاءِ: «إنَّ العَبدَ يَصيرُ مَأذونًا لهُ في التِّجارةِ بعِلمِ السَّيدِ بتَصرُّفِه في مالهِ مِنْ غيرِ مَنعٍ»، فروَى مالِكٌ عن يَحيى بنِ سَعيدٍ: «أنَّ عاتِكةَ بِنتَ زَيدٍ كانَت تَستأذِنُ زوْجَها عُمرَ بنَ الخطَّابِ إلى المَسجدِ فيَسكُتُ، فتَقولُ: واللهِ لَأخرُجَنَّ إلَّا أنْ تَمنعَنِي، فلا يَمنعُها».


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٢٢٩)، و «المهذب» (٢/ ٦٦)، و «البيان» (٩/ ٤٩٩، ٥٠٠)، و «أسنى المطالب» (١/ ٢١٠، ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>