تَعُفُّ بهِ على زَوجِها، ثمَّ إنها قَطعَتْ ذلكَ عنهُ وأرادَ سَفرًا وكانَتْ في دارٍ ليسَ مَعها فيها أحَدٌ إلَّا ذُو مَحرَمٍ مِنها، فقالَ لها عندَ خُروجِه وحَرَّمَ عليها ألَّا تَخرجَ مِنْ عَتَبةِ بَيتِه، فأمَرتُها أنْ تَخرجَ إليهِم، ورَأيتُ ذلكَ ضَررًا مِنْ فِعلِه.
قالَ مُحمدُ بنُ رُشدٍ: قَولُه: إنهُ ليسَ لهُ أنْ يَمنعَ زوْجتَهُ مِنْ الخُروجِ إلى أبيها وأخيها، وأنهُ يُقضَى عليه بذلكَ هوَ مِثلُ ما في رَسْمِ الطَّلاقِ الثَّاني مِنْ سَماعِ أشهَبَ مِنْ كِتابِ الأيمانِ بالطَّلاقِ، خِلافُ ما ذهَبَ إليهِ ابنُ حَبيبٍ مِنْ أنهُ لا يُقضَى عليهِ حتَّى يَمنعَها مِنْ الخُروجِ إليهم ويَمنعَهُم مِنْ الدُّخولِ إليها، فحِينئذٍ يُقضَى عليه بأحَدِ الوَجهَينِ، كما أنهُ لا يَحنَثُ إذا حَلَفَ حتَّى يَحلِفَ على الطَّرفَينِ فيَحنثَ في أحَدِهم، وهذا الخِلافُ عندِي إنَّما هو في الشَّابةِ المَأمونةِ، وأمَّا المُتَجالَّةُ فلا اختِلافَ في أنهُ يُقضَى لها بالخُروجِ إلى زِيارةِ أبيها وأخِيها، وأمَّا الشَّابةُ غيرُ المَأمونةِ في نَفسِها فلا اختِلافَ في أنهُ لا يُقضَى لها بالخُروجِ إلى ذلكَ ولا إلى الحَجِّ، ورَوى ذلكَ ابنُ عَبدِ الحَكمِ عَنْ مالِكٍ، والشَّابةُ مَحمولةٌ على أنها مَأمونةٌ حتَّى يَثبتَ عليها بأنها غيرُ مَأمونةٍ، هذا تَحصيلُ القَولِ في هذهِ المَسألةِ على ما تَدلُّ عليه هذهِ الرِّوايةُ وغَيرُها، ويَلزمُ الرَّجلَ أنْ يَأذنَ لامرأتِه في أنْ يَدخلَ عليها ذَواتُ رَحِمِها مِنْ النِّساءِ، ولا يكونُ ذلكَ مِنْ الرِّجالِ إلَّا في ذِي المَحرَمِ مِنهم خاصَّةً (١).