للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخُصُّ جَميعِ النِّساءِ، كيفَ والشَّريعةُ طافِحةٌ بلُزومِ النِّساءِ بُيوتَهنَّ والانكِفافِ عنِ الخُروجِ منها إلَّا لضَرورةٍ (١).

قالَ الحَنفيَّةُ: لا يَجوزِ للزَّوجةِ أنْ تَخرجَ بلا إذنِ الزَّوجِ، ويَضربُها على الخُروجِ مِنْ مَنزلِه بلا إذنٍ، إلَّا إنِ احْتاجَتْ إلى الاستِفتاءِ في حادِثةٍ ولم يَرْضَ الزَّوجُ أنْ يَستَفتيَ لها وهو غيرُ عالِمٍ، وما لم تَقعْ حاجةٌ إلى الاستِفتاءِ لهُ أنْ يَمنعَها عنِ الخُروجِ إلى مَجلسِ العِلمِ، وإلَّا أنْ يَكونَ أبوها زَمِنًا وليسَ له مَنْ يَقومُ عليه، مِؤمِنًا كانَ أو كافِرًا، فإنَّ عليها أنْ تَعصيَ الزَّوجَ في المَنعِ، ولو كانَ له أمٌّ شابَّةٌ تَخرجُ إلى الوَليمةِ والمُصِيبةِ أو لغَيرِهما لا يَمنعُها ابنُها، ما لم يَتحقَّقْ أنْ خُروجَها للفَسادِ، فحِينئذٍ يَرفعُ الأمرَ إلى القَاضي، فإنْ أَذِنَ له بالمَنعِ منَعَها؛ لقِيامِه مَقامَه (٢).


(١) «تفسير القرطبي» (١٤/ ١٧٩)، وقالَ الإِمامُ ابنُ العَربِيِّ المَالِكيُّ في «أحكام القرآن» (٣/ ٥٦٩): ولقدْ دَخلْتُ نَيِّفًا على ألفِ قَريةٍ مِنْ بَريَّةٍ، فما رَأيتُ نِساءً أَصْوَنَ عِيالًا ولا أعَفَّ نِساءً مِنْ نِساءِ نابُلُسَ الَّتي رُمِيَ فيها الخَليلُ بالنَّارِ، فإنْي أقَمْتُ فيها أشهُرًا فما رَأَيتُ امرأةً في طَريقٍ نهارًا إلَّا يومَ الجُمعةِ، فإنهنَّ يَخرجْنَ إليها حتَّى يَمتلئَ المَسجدُ مِنهنَّ، فإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ وانقَلبْنَ إلى مَنازلِهنَّ لم تَقعْ عَينَيَّ على واحدةٍ منهُم إلى الجُمعةِ الأُخرى، وسائِرُ القُرى تُرَى نِساؤُها مُتبَرِّجاتٍ بزِينةٍ وعُطلَةٍ مُتفرِّقاتٍ في كُلِّ فِتنةٍ وعُضلَةٍ، وقد رَأيتُ بالمَسجدِ الأقصَى عَفائِفَ ما خَرجْنَ مِنْ مُعتكفِهنَّ حتَّى استُشهِدْنَ فيهِ.
(٢) «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٣٧، ٤٣٨)، و «البحر الرائق» (٤/ ٢١٢، ٢١٣)، و «غمز عيون البصائر» (٢/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>