للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي روايةِ أبي داودَ: «لا تَصومُ المرأةُ وبَعلُها شاهِدٌ إلَّا بإذنِه غيرَ رَمضانَ، ولا تأذَنُ في بَيتِه وهو شاهِدٌ إلَّا بإذنِه» (١).

قالَ ابنُ بَطَّالٍ : قالَ المُهلَّبُ: هذا الصَّومُ المَنهيُّ عنهُ المرأةُ إلَّا بإذنِ زَوجِها هو صومُ التَّطوُّعِ عندَ العُلماءِ، كما تَرجمَ بهِ البُخاريُّ؛ لإجماعِهم على أنَّ الزَّوجَ ليسَ لهُ أنْ يَمنعَها مِنْ أداءِ الفَرائضِ اللَّازمةِ لها (٢).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في هذا النَّهيِ، هل هو نَهيُ تَحريمٍ أم كَراهةٍ؟

فذهَبَ الشَّافعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنهُ نَهيُ تَحريمٍ، وقالَ الإِمامُ النَّوَويُّ : هذا مَحمولٌ على صَومِ التَّطوُّعِ والمَندوبِ الَّذي ليسَ له زَمنٌ مُعيَّنٌ، وهذا النَّهيُ للتَّحريمِ صَرَّحَ بهِ أصحابُنا، وسَببُه أنَّ الزَّوجَ لهُ حقُّ الاستِمتاعِ بها في كُلِّ الأيَّامِ، وحَقُّه فيهِ واجبٌ على الفَورِ، فلا يَفوتُه بتَطوُّعٍ ولا بواجبٍ على التَّراخي.

فإنْ قيلَ: فَينبغِي أنْ يَجوزَ لها الصَّومُ بغيرِ إذنِه، فإنْ أرادَ الاستِمتاعَ بها كانَ لهُ ذلكَ ويَفسدُ صَومها.

فالجوابُ: أنَّ صَومَها يَمنعُه مِنْ الاستِمتاعِ في العادةِ؛ لأنهُ يَهابُ انتِهاكَ الصَّومِ بالإفسادِ، وقَولُه : «وزَوجُها شاهِدٌ» أي: مُقيمٌ في البلدِ، أمَّا إذا كانَ مُسافِرًا فلها الصَّومُ؛ لأنهُ لا يَتأتَّى منهُ الاستِمتاعُ إذا لم تَكنْ معه (٣).


(١) رواه أبو داود (٢٤٥٨)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢١٦٨).
(٢) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٣١٥، ٣١٦).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (٧/ ١١٥)، و «الإقناع» (١/ ٢٤٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢١٣)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٢٥٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>