وَجهُ قَولِهما: أنَّ المُستحَقَّ للزَّوجِ بالطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ نِصفُ المَهرِ، فإذا قَبضَتِ النِّصفَ دُونَ النِّصفِ فَقدِ استَحقَّ النِّصفَ مُشاعًا فيما في ذمَّتِه وفيما قَبضَتْ، فكانَ نِصفُ النِّصفِ -وهوَ رُبعُ الكُلِّ- في ذمَّتِه، ونِصفُ النِّصفِ فيما قَبضَتْ، إلَّا أنها إذا لَم تكنْ وَهبَتْه حتَّى طلَّقَها لَم يَرجعْ عليها بشيءٍ؛ لأنهُ صارَ ما في ذمَّتِه قِصاصًا بما لهُ عليها، فإذا وَهبَتْ بَقيَ حَقُّه في نِصفِ ما في يَدِها وهوَ الرُّبعُ، فيَرجعُ عليها بذلكَ.
ولأبي حَنيفةَ: أنَّ الَّذي يَستحِقُّه الزَّوجُ بالطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ ما في ذمَّتِه، بدَليلِ أنها لو لَم تَكنْ وَهبَتْ وطلَّقَها لَم يَرجعْ عليها بشيءٍ، وقدْ عادَ إليهِ ما كانَ في ذمَّتِه بسَببٍ لا يُوجبُ الضَّمانَ وهوَ الهِبةُ، فلا يَكونُ لهُ الرُّجوعُ بشيءٍ.
ولو كانَ المَهرُ جارِيةً فوَلدَتْ بعْدَ القَبضِ أو جَنَى عليها فوجَبَ الأرشُ، أو كانَ شَجرًا فأثمَرَ أو دخَلَه عَيبٌ ثمَّ وَهبَتْه مِنه ثمَّ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ بها رجَعَ عليها بنِصفِ القِيمةِ؛ لأنَّ حَقَّ الزَّوجِ يَنقطِعُ عَنْ العَينِ بهذهِ العَوارِضِ، بدَليلِ أنهُ لا يَجوزُ لهُ أخذُها معَ الزِّيادةِ، وإذا كانَ حَقُّه مُنقطِعًا عنها لم يَعُدْ إليهِ بالهِبةِ ما استَحقَّهُ بالطَّلاقِ، فكانَ لهُ قِيمتُها، وإذا حدَثَ بهِ عَيبٌ فالحقُّ وإنْ لَم يَنقطِعْ عَنِ العَينِ بهِ، لكنْ يَجوزُ لهُ تَركُه معَ العَيبِ، فلم يكنِ الحقُّ مُتعلِّقًا بالعَينِ على سَبيلِ اللُّزومِ، ولم يَكنِ الواصِلُ إلى الزَّوجِ عيْنَ ما يَستحِقُّه بالطَّلاقِ.
ولو كانَتِ الزِّيادةُ في بَدَنِها فوَهبَتْها لهُ ثمَّ طلَّقَها كانَ لهُ أنْ يضمنَها في