للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن لَم يُوجِبْه قالَ: الشَّارعُ إنما جعَلَ هذهِ المَنفعةَ مُتقوِّمةً بالمَهرِ في عَقدٍ أو شُبهةِ عَقدٍ، ولم يُقوِّمْها بالمَهرِ في الزِّنَى ألبَتَّة، وقياسُ السِّفاحِ على النِّكاحِ مِنْ أفسَدِ القياسِ.

قالُوا: وإنَّما جعَلَ الشَّارعُ في مُقابَلةِ هذا الاستِمتاعِ الحَدَّ والعُقوبةَ، فلا يُجمَعُ بيْنَه وبيْنَ ضَمانِ المَهرِ.

قالُوا: والوُجوبُ إنَّما يُتلَقَّى مِنْ الشَّارعِ مِنْ نَصِّ خِطابِه أو عُمومِه أو فَحْواهُ أو تَنبيهِه أو مَعنَى نَصِّه، وليسَ شيءٌ مِنْ ذلكَ ثابِتًا مُتحقِّقًا عنهُ.

وغايةُ ما يُدَّعَى قياسُ السِّفاحِ على النِّكاحِ، ويَا بُعْدَ ما بيْنَهما.

قالُوا: والمَهرُ إنِّما هوَ مِنْ خَصائِصِ النِّكاحِ لفْظًا ومَعنًى، ولهذا إنَّما يُضافُ إليهِ فيُقالُ: مَهرُ النِّكاحِ، ولا يُضافُ إلى الزِّنَى، فلا يُقالُ: مَهرُ الزِّنا، وإنَّما أطلَقَ النَّبيُّ المَهرَ وأرادَ بهِ العَقدَ، كما قالَ: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ بيْعَ الخَمرِ والمَيتةِ والخِنزيرِ والأصنامِ»، وكما قالَ: «ورَجلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمنَه»، ونَظائرُه كثيرةٌ.

والأوَّلونَ يَقولونَ: الأصلُ في هذهِ المَنفعةِ أنْ تُقوَّمَ بالمَهرِ، وإنَّما أسقَطَه الشَّارعُ في حَقِّ البَغيِّ، وهي الَّتي تَزنِي باختيارِها، وأمَّا المُكرَهةُ على الزِّنى فليسَتْ بَغيًّا، فلا يَجوزُ إسقاطُ بَدلِ مَنفعتِها الَّتي أُكرَهَتْ على استيفائِها، كما لو أُكرِه الحُرُّ على استيفاءِ مَنافعِه، فإنهُ يَلزمُه عِوضُها، وعِوضُ هذهِ المَنفعةِ شَرعًا هوَ المَهرُ، فهذا مَأخَذُ القولَينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>