فَصلٌ: ولا يَجبُ المَهرُ بالوَطءِ في الدُّبرِ ولا اللِّواطِ؛ لأنَّ الشَّرعَ لم يَرِدْ ببَدلِه، ولا هو إتلافٌ لشَيءٍ، فأشبَهَ القُبلةَ والوَطءَ دُونَ الفَرجِ، ولا يَجبُ للمُطاوِعةِ على الزِّنى؛ لأنها باذِلةٌ لِما يَجبُ بَدَلُه لها، فلَم يَجبْ لها شيءٌ، كما لو أَذِنَتْ له في قَطعِ يَدِها فقطَعَها، إلَّا أنْ تكونَ أمَةً، فيكونُ المَهرُ لسَيِّدِها، ولا يَسقطُ ببَذلِها؛ لأنَّ الحَقَّ لغَيرِها، فأشبَهَ ما لو بَذلَتْ قطْعَ يَدِها …
ومَن نِكاحُها باطِلٌ بالإجماعِ كالمُزوَّجةِ والمُعتدَّةِ إذا نكَحَها رَجلٌ فوَطئَها عالِمًا بالحالِ وتَحريمِ الوَطءِ وهيَ مُطاوِعةٌ عالِمةٌ فلا مَهرَ لها؛ لأنهُ زَنًى يُوجِبُ الحَدَّ وهيَ مُطاوِعةٌ عليهِ، وإنْ جَهلَتْ تَحريمَ ذلكَ أو كَوْنَها في العدَّةِ فالمَهرُ لها؛ لأنهُ وَطءُ شُبهةٍ.
وقد رَوى أبو داوُدَ بإسنادِه أنَّ رَجلًا يُقالُ لهُ بَصرَةُ بنُ أكثَمَ نكَحَ امرأةً فولَدَتْ لأربَعةِ أشهرٍ، فجعَلَ النَّبيُّ ﷺ لها الصَّداقَ، وفي لفظٍ قالَ:«لها الصَّداقُ بما استَحللْتَ مِنْ فَرجِها، فإذا ولَدَتْ فاجلِدُوها»، ورَوى سَعيدٌ في سُننِهِ عَنْ عِمرانَ بنِ كَثيرٍ أنَّ عُبيدَ اللهِ بنَ الحُرِّ تَزوَّجَ جارِيةً مِنْ قَومِه يُقالُ لها الدَّرداءُ، فانطَلقَ عُبيدُ اللهِ فلَحِقَ بمُعاويةَ، وماتَ أبو الجارِيةُ،