للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ العِوضَ الأصليَّ في هذا البابِ هو مَهرُ المِثلِ؛ لأنهُ قِيمةُ البُضعِ، وإنَّما يُعدَلُ عنهُ إلى المُسمَّى إذا صَحَّتِ التَّسميةُ وكانَتِ التَّسمِيةُ تَقديرًا لتِلكَ القِيمةِ، فإذا لَم تَصحَّ التَّسميةُ أو تَزلزلَتْ لم يَصحَّ التَّقديرُ، فإذا لَم يَصحَّ التَّقديرُ وجَبَ المَصيرُ إلى الفَرضِ الأصليِّ، ولهذا كانَ المَبيعُ بَيعًا فاسِدًا مَضمونًا بالقِيمةِ في ذَواتِ القيَمِ لا بالثَّمنِ، كذا هذا.

وإنْ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ وجَبَ لها نِصفُ مَهرِ المِثلِ عِنْدَ الشَّافِعيةِ والحَنابلةِ في المَذهبِ، وعِندَ الحَنفيةِ يَجبُ لها المُتعةُ.

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإنْ طلَّقَ قبْلَ الدُّخولِ فلها نِصفُ مَهرِ المِثلِ، وبهذا قالَ الشَّافِعيُّ، وقالَ أصحابُ الرَّأيِ: لها المُتعةُ؛ لأنهُ لو لم يُسمِّ لها صَداقًا كانَ لها المُتعةُ، فكذلكَ إذا سَمَّى لها تَسميةً فاسِدةً؛ لأنَّ هذهِ التَّسميةَ كعَدَمِها.

وذكَرَ القاضي في «الجامِع» أنهُ لا فَرْقَ بيْنَ مَنْ لَم يُسمِّ لها صَداقًا وبيْنَ مَنْ سَمَّى لها مُحرَّمًا كالخَمرِ أو مَجهولًا كالثَّوبِ، وفي الجَميعِ رِوايتانِ:

إحداهُما: لها المُتعةُ إذا طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ؛ لأنَّ ارتِفاعَ العَقدِ يُوجبُ رفْعَ ما أوجَبَه مِنْ العِوضِ كالبَيعِ، لكنْ تَركْناهُ في نِصفِ المُسمَّى لتَراضيهِما عليهِ، فكانَ ما تَراضَيَا عليهِ أَولَى، ففي مَهرِ المِثلِ يَبقى على الأصلِ في أنهُ يَرتفعُ وتَجبُ المُتعةُ.

والثَّانيةُ: أنَّ لها نِصفَ مَهرِ المِثلِ؛ لأنَّ ما أوجَبَه عَقدُ النِّكاحِ يَتنصَّفُ بالطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ، ومَهرُ المِثلِ قد أوجَبَه العَقدُ فيَتنصَّفُ بهِ كالمُسمَّى،

<<  <  ج: ص:  >  >>