للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحابةُ، ولذلكَ قالَ مالكٌ في العِنِّينِ المُؤجَّلِ: إنهُ قدْ وجَبَ لها الصَّداقُ عليهِ إذا وقَعَ الطَّلاقُ لطُولِ مُقامِهِ مَعها، فجَعلَ لهُ دُونَ الجِماعِ تأثِيرًا في إيجابِ الصَّداقِ.

وأمَّا الأحكامُ الوارِدةُ في ذلكَ عَنِ الصَّحابةِ فهوَ «أنَّ مَنْ أغلَقَ بابًا أو أرخَى سِترًا فقدْ وجَبَ عليهِ الصَّداقُ»، لَم يُختَلفْ عليهِم في ذلكَ فيما حَكَمُوا.

واختَلفُوا مِنْ هذا البابِ في فَرعٍ، وهو إذا اختَلفَا في المَسيسِ، أعنِي القائلِينَ باشتِراطِ المَسيسِ، وذلكَ مِثلَ أنْ تَدَّعِي هيَ المَسيسَ ويُنكِرَ هو، فالمَشهورُ عَنْ مالِكٍ أنَّ القولَ قَولُها.

وقيلَ: إنْ كانَ دُخولَ بناءٍ صُدِّقَتْ، وإنْ كانَ دُخولَ زيارةٍ لَم تُصدَّقْ.

وقيلَ: إنْ كانَتْ بِكرًا نظَرَ إليها النِّساءُ، فيَتحصَّلُ فيها في المَذهبِ ثلاثةُ أقوالٍ.

وقالَ الشَّافعيُّ وأهلُ الظَّاهِرِ: القَولُ قَولُه؛ وذلكَ لأنهُ مُدَّعًى عليهِ.

ومالِكٌ ليسَ يَعتبِرُ في وُجوبِ اليَمينِ على المُدَّعَى عليهِ مِنْ جِهةِ ما هوَ مُدَّعًى عليهِ، بل مِنْ جِهةِ ما هوَ أقوَى شُبهةً في الأكثَرِ، ولذلكَ يَجعَلُ القولَ في مَواضِعَ كثيرةٍ قَولَ المُدَّعي إذ كانَ أقوَى شُبهةً.

وهذا الخِلافُ يَرجِعُ إلى: هل إيجابُ اليَمينِ على المُدَّعَى عليهِ مُعلَّلٌ أو غَيرُ مُعلَّلٍ؟ وكذلكَ القَولُ في وُجوبِ البَيِّنةِ على المُدَّعِي (١).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٧، ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>