فإنِ اختَلفَتْ عادَتُهنَّ في الحُلولِ والتَّأجيلِ أوِ اختَلفَتْ مُهورُهنَّ قلَّةً وكَثرةً أُخذَ بالوَسطِ مِنها؛ لأنهُ العَدلُ، وأنْ يكونَ حالًّا ومِن نَقدِ البَلدِ، فإنْ تَعدَّدَ فمِن غالبِه؛ لأنهُ بدَلُ مُتلَفٍ، فأشبَهَ قِيَمَ المُتلَفاتِ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ كانَ عادَتُهم أنَّهم إذا زَوَّجُوا مِنْ عَشيرَتِهم خَفَّفوا وإنْ زَوَّجُوا غيرَهم ثَقَّلوا اعتُبِرَ ذلكَ.
فإنْ قيلَ: فإذا كانَ مَهرُ المِثلِ بدَلَ مُتلَفٍ يَجبُ أنْ لا يَختلفَ باختِلافِ التَّلفِ كسائِرِ المُتلَفاتِ.
قُلنا: النِّكاحُ يُخالِفُ سائِرَ المُتلَفاتِ؛ فإنَّ سائِرَ المُتلَفاتِ المَقصودُ بها الماليَّةُ خاصَّةً، فلم تَختلِفْ باختِلافِ المُتلِفِينَ، والنِّكاحُ يُقصدُ بهِ أعيانُ الزَّوجَينِ، فاختَلفَ باختِلافِهم، ولأنَّ سائِرَ المُتلَفاتِ لا تَختلفُ باختِلافِ العَوائِدِ، والمَهرُ يَختلفُ بالعاداتِ، فإنَّ المرأةَ إذا كانَتْ مِنْ قَومٍ عادتُهم تَخفيفُ مُهورِ نِسائِهم وجَبَ مَهرُ المرأةِ منهُم خَفيفًا وإنْ كانَتْ أفضَلَ وأشرَفَ مِنْ نِساءِ مَنْ عادَتُهم تَثقيلُ المَهرِ، وعلى هذا متى كانَتْ عادَتُهم التَّخفيفَ لمَعنًى مِثلِ الشَّرفِ أو اليَسارِ ونحوِ ذلكَ اعتُبِرَ؛ جَرْيًا على عادَتِهم (١).
(١) «المغني» (٧/ ١٨٩، ١٩٠)، و «المبدع» (٧/ ١٧١، ١٧٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٧٧، ١٧٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute