للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الماوَرْديُّ : أمَّا المُفوَّضةُ إذا ماتَ عنها زَوجُها قبْلَ الدُّخولِ أو ماتَتْ فإنهما يَتوارثانِ بالإجماعِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء: ١٢]، وهمَا زَوجانِ لصحَّةِ النِّكاحِ بيْنَهما (١).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما لو ماتَ الزَّوجُ أو الزَّوجةُ بعْدَ العَقدِ وقبْلَ الدُّخولِ ولَم يكنْ سَمَّى لها مهرًا، هل يَجبُ لها مَهرٌ أم لا يَجبُ؟ أم يجبُ نِصفُ مَهرِ مِثلِها فقط؟

فذهَبَ المالكيَّةُ والشَّافعيةُ في الأظهَرِ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا عقَدَ على امرأةٍ ولم يَفرضْ لها صَداقًا وماتَ قبْلَ الدُّخولِ أو ماتَتْ هيَ قبْلَ الدُّخولِ ولَم يُسمِّ لها صَداقًا أنهُ لا صَداقَ لها ولا مُتعةَ؛ لأنها فُرقةٌ ورَدَتْ على تَفويضٍ صَحيحٍ قبْلَ فَرضٍ ومَسيسٍ، فلم يَجبْ بها مَهرٌ كفُرقةِ الطَّلاقِ، ولأنَّ الصَّداقَ عِوضٌ فلمَّا لم يَقبضِ المُعوَّضَ لم يَجبِ العِوضُ؛ قياسًا على البَيعِ، ولمَا رَوى مالِكٌ في المُوطَّأِ عن نافِعٍ أنَّ ابنةَ عُبيدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ وأُمُّها بِنتُ زَيدِ بنِ الخطَّابِ كانَتْ تحتَ ابنٍ لعَبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ فماتَ ولم يَدخُلْ بها ولَم يُسمِّ لها صَداقًا، فابتَغَتْ أُمُّها صَداقَها، فقالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمرَ: «ليسَ لها صَداقٌ، ولو كانَ لها صَداقٌ لمْ نُمسِكْه ولم نَظلِمْها، فأَبتْ أُمُّها أنْ تَقبلَ ذلكَ، فجَعلُوا بيْنَهم زَيدَ بنَ ثابتٍ، فقَضَى أنْ لا صَداقَ لها ولها المِيراثُ» (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٤٧٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٠٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>