إلا أنهُم اختَلفوا هل هذا يَشملُ البِكرَ؟ أم الثيِّبَ فقط؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ هذا الخِطابَ للبكرِ والثيبِ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ فلم يَخُصَّ بِكرًا مِنْ ثيِّبٍ في نَسقِ قولِه: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] يَعمُّ الأبكارَ والثُّيَّبَ.
وقد أجمَعَ المُسلمونَ أنَّ الثيبَ والبِكرَ في استحقاقِ نصفِ المهرِ بالطلاقِ قبلَ الدُّخولِ سَواءٌ، ثمَّ قالَ تعالَى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، فكذلكَ هو في البكرِ وغيرِ البكرِ، إلا ما أجمَعُوا عليهِ مِنْ رَفعِ القلَمِ عنه للصَّغيرةِ منهُنَّ.
وهذا إذا كانَتِ البكرُ بالغةً رشيدةً، وأمَّا البكرُ الصغيرةُ المَحجورُ عليها فقَولًا واحدًا أنه لا يَجوزُ لها أنْ تَعفوَ عن صَداقِها ولا تَصحُّ هِبتُها.
قالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: والجُمهورُ على أنَّ المرأةَ الصغيرةَ والمَحجورةَ ليس لها أنْ تهَبَ مِنْ صداقَها النصفَ الواجبَ لها، وشَذَّ قومٌ فقالوا: يَجوز أنْ تهبَ؛ مَصيرًا لعُمومِ قولهِ تعالَى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ (١).
وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ المقصودَ بقولِه تعالَى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ النِّساءُ المَدخولُ بهنَّ الثيِّباتُ؛ وأما البِكرُ فالعفوُ لوليِّها لا لها.