للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، ويَشهدُ لعَدمِ التحديدِ ما خرَّجه الترمذيُّ: «أنَّ امرأةً تزوَّجَت على نعلَينِ، فقالَ لها رسولُ اللهِ : أَرَضِيتِ مِنْ نفسِك ومالِكِ بنعلَين؟ فقالَتْ: نَعمْ، فجوَّزَ نكاحَها» وقال: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ.

ولمَّا اتفقَ القائلونَ بالتحديدِ على قياسِه على نِصابِ السرقةِ، اختَلفوا في ذلكَ بحَسبِ اختلافِهم في نصابِ السرقةِ، فقالَ مالكٌ: هوَ ربعُ دينارٍ أو ثلاثةُ دراهمَ؛ لأنه النصابُ في السرقةِ عندَه، وقالَ أبو حنيفةَ: هو عَشرةُ دراهمَ؛ لأنه النصابُ في السرقةِ عندَه، وقالَ ابنُ شُبرمةَ: هوَ خمسةُ دَراهمَ؛ لأنه النصابُ عندَه أيضًا في السرقةِ.

وقدِ احتَجَّتِ الحَنفيةُ لكَونِ الصداقِ محدَّدًا بهذا القَدْرِ بحديثٍ يَروُونَه عن جابرٍ عنِ النبيِّ أنه قالَ: «لا مهرَ بأقلَّ مِنْ عشرةِ دراهمَ»، ولو كانَ ثابتًا لَكانَ رافعًا لمَوضِعِ الخِلافِ؛ لأنه كانَ يَجبُ لمَوضِعِ هذا الحديثِ أنْ يُحمَلَ حديثُ سَهلِ بنِ سعدٍ على الخُصوصِ، لكنَّ حديثَ جابرٍ هذا ضَعيفٌ عندَ أهلِ الحديثِ؛ فإنه يَرويهِ: قالَ مُبشِّرُ بنُ عُبيدٍ عنِ الحجَّاجِ بنِ أَرطَاة عن عطاءٍ عن جابرٍ، ومُبشِّرٌ والحجَّاجُ ضَعيفانِ، وعطاءٌ أيضًا لم يَلْقَ جابرًا، ولذلكَ لا يُمكِنُ أنْ يقالَ: إنَّ هذا الحديثَ مُعارِضٌ لحَديثِ سهلِ بنِ سَعدٍ (١).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٥، ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>