وذكرَ الجُرجانيُّ أنَّها سُنَّةٌ … والصَّحِيحُ ما ذكرَه الكَرخيُّ؛ لأنَّ الطُّمأنينةَ مِنْ بابِ إتمامِ الرُّكنِ، وإكمالُ الرُّكنِ واجِبٌ، كإكمالِ القِراءةِ بالفاتِحةِ، ألا تَرى أنَّ النَّبيَّ ﷺ ألحَقَ صَلاةَ الأعرابيِّ بالعدمِ؟ والصَّلاةُ إنَّما يُقضَى عليها بالعدمِ إما لانعِدامِها أصلًا، بتَركِ الرُّكنِ، أو بانتِقاصِها بتَركِ الواجِبِ، فتَصيرُ عدمًا مِنْ وَجهٍ، فأمَّا تَركُ السُّنةِ فلا يُلحَقُ بالعدمِ؛ لأنَّه لا يُوجِبُ نُقصانًا فاحِشًا، ولهذا يُكرَهُ تَركُها أشَدَّ الكَراهةِ، حتى رُويَ عن أبي حَنيفَةَ أنَّه قالَ: أخشَى ألَّا تَجوزَ صَلاتُه (١).
ونقلَ ابنُ عابدينَ عن البَحرِ قولَه: ومُقتضَى الدَّليلِ وُجوبُ الطُّمأنينةِ في الأربعةِ؛ أي: في الرُّكوعِ والسُّجودِ والجُلوسِ بينَ السَّجدتَينِ؛ لِلمُواظَبةِ على ذلك كلِّه، ولِلأمرِ في حَديثِ المُسيءِ صَلاتَه، ولمَا ذكرَه قاضي خانَ مِنْ لُزومِ سُجودِ السَّهوِ بتَركِ الرَّفعِ مِنْ الرُّكوعِ ساهِيًا، وفي المُحِيطِ: لو تركَ تَعديلَ الأركانِ أو القَومةَ التي بينَ الرُّكوعِ والسُّجودِ ساهِيًا، لزِمه السَّهوُ، فيَكونَ حكمُ الجَلسةِ التي بينَ السَّجدتَينِ كذلك؛ لأنَّ الكَلامَ فيهما واحدٌ، والقولُ بوُجوبِ الكلِّ هو مُختارُ المُحقِّقِ ابنِ الهُمامِ، وتِلميذِه ابنِ أميرِ الحاجِّ، حتى إنَّه قالَ: إنَّه الصَّوابُ، واللهُ المُوَفِّقُ لِلصَّوابِ.
قالَ ابنُ عابدينَ: والحاصِلُ أنَّ الأصحَّ رِوايةً ودِرايةً وُجوبُ تَعديلِ الأركانِ، وأمَّا القَومَةُ والجَلسةُ وتَعديلُها فالمَشهورُ في المَذهبِ السُّنِّيةُ، ورُويَ وُجوبُها، وهو المُوافِقُ لِلأدلَّةِ، وعليه الكَمالُ، ومَن بعدَه مِنْ
(١) «معاني الآثار» (١/ ٥١٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute