للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ : وهذا الذي لم يُتمَّ صَلاتَه إنَّما تركَ الطُّمأنينةَ، أو تركَ الاعتِدالَ، أو تركَ كِلَيهما، فإنَّه لا بدَّ أن يَكونَ قد تركَ بَعضَ ذلك؛ إذ نَقرُ الغُرابِ والفَصلُ بينَ السَّجدتَينِ بحَدِّ السَّيفِ، والهُبوطُ مِنْ الرُّكوعِ إلى السُّجودِ لا يُمكِنُ أن يَنقُصَ منه مع الإتيانِ بما قد يُقالَ: إنَّه رُكوعٌ أو سُجودٌ، وهذا الرَّجلُ كان يأتي بما يُقالَ له: رُكوعٌ وسُجودٌ، لكنَّه لم يُتمَّه، ومع هذا قالَ حُذيفةُ: «ما صلَّيتَ»، فنَفَى عنه الصَّلاةَ، ثم قالَ: ما صلَّيتَ، وَلَو مُتَّ مُتَّ على غيرِ الفِطرَةِ التي فَطَرَ اللهُ مُحمَّدًا عليها، وعلى غيرِ السُّنةِ، وكِلاهما المُرادُ به هنا الدِّينُ والشَّريعةُ، وليس المُرادُ به فِعلُ المُستحَبَّاتِ، فإنَّ هذا لا يُوجِبُ هذا الذَّمَّ والتَّهديدَ، فلا يَكادُ أحَدٌ يَموتُ على كلِّ ما فعلَه النَّبيُّ مِنْ المُستحَبَّاتِ (١).

وعن أبي مَسعودٍ البَدرِيِّ قالَ: قالَ النَّبيُّ : «لَا تُجزِئُ صَلاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجلُ فيها صُلبَه في الرُّكُوعِ وَالسُّجودِ» (٢).

قالَ شَيخُ الإسلامِ: فهذا صَريحٌ في أنَّه لا تُجزِئُ الصَّلاةُ حتى يَعتدِلَ الرَّجلُ مِنْ الرُّكوعِ ويَنتَصبَ مِنْ السُّجودِ؛ فهذا يدلُّ على إيجابِ الاعتِدالِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ، وهذه المَسألةُ -وإن لم تكُن هي مَسألةَ الطُّمأنينةِ- تُناسِبُها وتُلازِمُها؛ وذلك أنَّ هذا الحَديثَ نَصٌّ صَريحٌ في وُجوبِ الاعتِدالِ، فإذا وجبَ الاعتِدالُ لِإتمامِ الرُّكوعِ والسُّجودِ فالطُّمأنينةُ فيهما أوجَبُ (٣).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٥٣٤، ٥٤٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>