للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرِبَتْ يَمينُكِ»، قالَ عُروةُ: فبذلكَ كانَتْ عائشةُ تأخذُ بقولِ: حرِّمُوا مِنْ الرَّضاعِ ما يَحرمُ مِنْ النسَبِ» مُتفَقٌ عليهِ، وهذا نصٌّ قاطِع في مَحلِّ النِّزاعِ، فلا يُعوَّلُ على ما خالَفَه.

فأمَّا حديثُ زينبَ فإنْ صَحَّ فهوَ حُجةٌ لنا، فإنَّ الزبيرَ كانَ يَعتقدُ أنها ابنتُه وتَعتقدُهُ أباها، والظاهرُ أنَّ هذا كانَ مَشهورًا عندَهم، وقولُه معَ إقرارِ أهلِ عصرِهِ أَولى مِنْ قولِ ابنِه وقولِ قومٍ لا يُعرَفونَ (١).

قالَ محمدُ بنُ الحسَنِ : وأمَّا لَبنُ الفحلِ فإنَّا نراهُ يحرِّمُ، ونرَى أنَّه يَحرمُ مِنَ الرضاعِ ما يَحرمُ مِنَ النسبِ، فالأخُ مِنَ الرَّضاعةِ مِنَ الأبِ تَحرمُ عليه أختُه مِنَ الرضاعةِ مِنَ الأبِ وإنْ كانتِ الأمَّانِ مُختلفتَينِ إذا كانَ لَبنُهما مِنْ رَجلٍ واحدٍ كما قالَ ابنُ عباسٍ: «اللقاحُ واحدٌ»، فبِهذا نأخُذُ، وهوَ قولُ أبي حنيفةَ (٢).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : أمَّا الحُرمةُ في جانبِ زوجِ المُرضِعةِ التي نزَلَ لها منهُ لبنٌ فثَبتَتْ عندَ عامَّةِ العُلماءِ وعامةِ الصَّحابةِ .

ورويَ عن رافعِ بنِ خُديجٍ أنَّه قالَ: لا تَثبتُ، وهوَ قولُ سَعيدِ ابنِ المسيِّبِ وعطاءِ بنِ يَسارٍ وبشرٍ المريسِيِّ ومالكٍ، وهي المَسألةُ الملقَّبةُ عندَ الفقهاءِ: بلَبنِ الفَحلِ أنه هل يُحرِّمُ أو لا؟


(١) «المغني» (٧/ ٧٨، ٨٨).
(٢) «الموطأ» برواية محمد بن الحسن (٢/ ٥٨٠)، ويُنظَر: «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>