للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيءٌ وَرثتُه من أَبي، فقَرأتُ الكِتابَ، ووَضعتُه، فلمَّا دخَلَ قُلتُ: يا أبَتِ، ما هذا الكِتابُ؟ فاحمَرَّ وَجهُه، وقالَ: رَفَعتُه منك، ثم قالَ: تَذهبُ بجَوابِه، فكتَبَ إلى الرَّجلِ: وصَلَ كِتابُك إليَّ، ونحن في عافيةٍ، فأمَّا الدَّينُ فإنَّه لرَجلٍ لا يُرهِقُنا، وأمَّا عِيالُنا فهُم في نِعمةٍ، والحَمدُ للهِ، فذهَبَ بالكِتابِ إلى الرَّجلِ الذي كان أوصَلَ كِتابَ الرَّجلِ، فقالَ: وَيحَك، لو أنَّ أَبا عبدِ اللهِ قبِلَ هذا الشَّيءَ، ورَمى به في شَبكةٍ مَثلًا في الدِّجلةِ، كانَ مَأجورًا؛ لأنَّ هذا الرَّجلَ لا يُعرفُ له مَعروفٌ، فلمَّا كانَ بعدَ حِينٍ، ورَدَّ كِتابَ الرَّجلِ بمِثلِ ذلك، فرَدَّ عليه الجَوابَ بمِثلِ ما رَدَّ، فلمَّا مَضَت سَنةٌ، أو أقَلُّ، أو أكثَرُ، ذَكَرناها، فقالَ: لو كُنَّا قَبِلناها كانَت قد ذهَبَت (١).

وعن عَبدِ اللهِ بنِ أَحمدَ بنِ حَفصٍ قالَ: نزَلْنا بمَكةَ دارًا، وكانَ فيها شَيخٌ يُكْنَى بأبي بَكرِ بن سَماعةَ، وكانَ من أهلِ مَكةَ، قالَ: نزَلَ علينا أَبو عبدِ اللهِ في هذه الدارِ، وأنا غُلامٌ، فقالَ: فقالَت لي أُمِّي: الزَمْ هذا الرَّجلَ فاخدُمْه، فإنَّه رَجلٌ صالِحٌ، فكُنتُ أخدُمه، وكانَ يَخرجُ يَطلُبُ الحَديثَ، فسُرقَ مَتاعُه، وقُماشُه، فجاءَ، فقالَت لي أُمِّي: دخَلَ عليك السُّراقُ، فسَرَقوا قُماشَك، فقالَ: ما فعَلتَ بالأَلواحِ؟ فقالَت له أُمِّي: في الطاقِ، وما سألَ عن شَيءٍ غيرِها (٢).

عن الرَّماديِّ قالَ: سمِعتُ عبدَ الرَّزاقِ، وذكَرَ أَحمدَ، فدمَعَت عَينُه، وقالَ: قدِمَ، وبلَغَني أنَّ نَفقتَه نَفِدَت، فأخَذتُ عَشرةَ دَنانيرَ، وعَرَضناها


(١) أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ١٧٨).
(٢) أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ١٧٩، ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>