الملكِ، وكذلكَ الهِباتُ والصدَقاتُ، ولا يَملِكُه بشَيءٍ مِنْ هذهِ العقودِ مِلكًا مُوقَّتًا، وكذلكَ مَنافعُ البُضعِ لمَّا جَرتْ مجرَى الأعيانِ المَملوكةِ لم يَصحَّ فيها التَّوقيتُ.
وممَّا يَحتجُّ بهِ القائلونَ بإباحةِ المتعةِ اتفاقُ الجميعِ على أنها كانَتْ مُباحةً في وَقتٍ مِنَ الزمانِ ثمَّ اختَلَفْنا في الحظرِ، فنَحنُ ثابتونَ على ما حَصلَ الاتِّفاقُ عليهِ ولا نزولَ عنهُ بالاختِلافِ، فيقالُ لهم: الأخبارُ التي بها تَثبتُ الإباحةُ بها يَثبتُ الحَظرُ؛ ذلكَ لأنَّ كلَّ خبَرٍ ذُكِرَ فيهِ إباحةُ المُتعةِ ذُكِرَ فيهِ حظرُها، فمِن حيثُ يَثبتُ الإباحةُ وجبَ أنْ يَثبتَ الحَظرُ، وإنْ لمْ يَثبُتِ الحَظرُ لم تَثبُتِ الإباحةُ؛ إذْ كانَتِ الجِهةُ التي بها تثبتُ الإباحةُ بها ورَدَ الحظرُ.
وأيضًا فإنَّ قولَ القائلِ:«أنَّا لمَّا اتَّفَقْنا على كذا ثمَّ اختَلَفْنا فيهِ لمْ يَنزلْ عنِ الإجماعِ بالاختِلافِ» قولٌ فاسِدٌ؛ لأنَّ الموضِعَ الذي فيهِ الخلافُ ليسَ هو مَوضعَ الإجماعِ، فإذا لم يَكنْ إجماعًا فلا بُدَّ مِنْ دَلالةٍ يُقِيمُها على صحَّةِ دعواهُ، وأيضًا فإنَّ كونَ الشيءِ مُباحًا في وَقتٍ غيرُ مُوجِبٍ بَقاءَ إباحتِهِ فيما يَجوزُ فيهِ النسخُ، وقد دلَّلْنا على ثُبوتِ الحظرِ بعدَ الإباحةِ مِنْ ظاهرِ الكِتابِ والسنَّةِ وإجماعِ السلفِ.
قالَ أبو بكرٍ: قد ذكَرْنا في المُتعةِ وحُكمِها في التحريمِ ما فيهِ بلاغٌ لمَن نصَحَ نَفسَه، ولا خِلافَ فيها بينَ الصَّدرِ الأولِ على ما بيَّنَّا، وقدِ اتَّفقَ فُقهاءُ الأمصارِ مع ذلكَ على تحريمِها ولا يَختلفونَ فيهِ.