وقالَ مُحمدٌ: خُلوُّه مِنْ كلِّ عَيبٍ لا يُمكِنُها المقَامُ معَه إلا بضَررٍ كالجُنونِ والجُذامِ والبَرَصِ شَرطُ لُزومِ النِّكاحِ حتَّى يُفسخ بهِ النِّكاحِ، وخُلوُّه عمَّا سِوى ذلكَ ليسَ بشَرطٍ، وهو مَذهبُ الشافعيِّ.وجهُ قَولِ مُحمدٍ: أنَّ الخِيارَ في العُيوبِ الخَمسةِ إنما ثبَتَ لدَفعِ الضَّررِ عنِ المَرأةِ، وهذهِ العُيوبُ في إلحاقِ الضررِ بها فوقَ تلكَ؛ لأنها مِنْ الأدواءِ المُتعدِّيةِ عادَةً، فلمَّا ثبَتَ الخِيارُ بتلكَ فلَأنْ يَثبتَ بهذهِ أَولى، بخلافِ ما إذا كانَتْ هذهِ العُيوبُ في جانِبِ المَرأةِ؛ لأنَّ الزوجَ وإنْ كانَ يَتضرَّرُ بها لَكنْ يُمكِنُه دَفعُ الضررِ عَنْ نفسِه بالطلاقِ، فإنَّ الطلاقَ بيَدِه، والمَرأةُ لا يُمكِنُها ذلكَ؛ لأنها لا تَملِكُ الطلاقَ، فتَعيَّنَ الفَسخُ طَريقًا لدَفعِ الضَّررِ.ولَهُما: أنَّ الخِيارَ في تِلكَ العُيوبِ ثبَتَ لدَفعِ ضَررِ فَواتِ حقِّها المُستحَقِّ بالعَقدِ، وهوَ الوطءُ مرَّةً واحدةً، وهذا الحقُّ لم يَفُتْ بهذهِ العُيوبِ؛ لأنَّ الوطءَ يَتحقَّقُ مِنْ الزوجِ معَ هذهِ العُيوبِ، فلا يَثبتُ الخِيارُ هذا في جانبِ الزوجِ.وأمَّا في جانبِ المرأةِ فخُلوُّها عنِ العَيبِ ليسَ بشَرطٍ للُزومِ النكاحِ بلا خِلافٍ بيْنَ أصحابِنا، حتَّى لا يُفسَخ النِّكاح بشيءٍ مِنْ العُيوبِ المَوجودةِ فيها. «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute