إلا أنهمُ اختَلفُوا فيما لو رَضِيَ الوَليُّ بتخلُّفِ الكَفاءةِ ولَم تَرضَ المَرأةُ، هل لها أنْ تَفسخَ النكاحَ أم لا؟ أو رَضيَتِ المرأةُ بمَن ليسَ بكُفؤٍ وتَزوَّجتْ ولم يَرضَ الوَليُّ؛ هل يَحِقُّ لهُ فسخُ النكاحِ أم لا؟
على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.
قالَ الحَنفيةُ في ظاهِرِ الرِّوايةِ: إذا زَوَّجتِ المرأةُ نفْسَها مِنْ غيرِ كُفءٍ فلِلأولياءِ أنْ يُفرِّقوا بينَهُما دفْعًا للعارِ عن أنفُسِهم؛ لأنَّ الحَقَّ الثَّابتَ لها غَيرُ الحَقِّ الثابتِ للأولياءِ؛ لأنَّ الثابتَ لها صِيانةُ نفْسِها عَنْ ذلِّ الاستِفراشِ، وللأولياءِ صِيانةُ نسَبِهم عن أنْ يُنسَبَ إليهِم بالمُصاهَرةِ مَنْ لا يُكافِئُهم، وأحَدُهما غيرُ الآخَرِ، فلمْ يكنْ إسقاطُ أحَدِهما مُوجِبًا سُقوطَ الآخَرِ، ألَا تَرى أنه قد يَثبتُ الخِيارُ لها في مَوضعٍ لا يَثبتُ للأولياءِ.
وسواءٌ كانَ الوَليُّ ذا رَحمٍ مُحرَّمٍ أو لا كابنِ العَمِّ، ولا تكونُ هذهِ الفُرقةُ إلا عندَ الحاكمِ؛ لأنه مُجتهَدٌ فيهِ.
وسُكوتُ الوَليِّ عنِ المُطالَبةِ بالتَّفريقِ لا يُبطلُ حَقَّه في الفَسخِ وإنْ طالَ الزَّمانُ حتَّى تَلدَ، فإنْ وَلدَتْ مِنهُ لم يَبقَ لهم أنْ يُفرِّقوا؛ كَي لا يَضيعَ الولَدُ عمَّن يُربِّيهِ؛ لأنَّ السُّكوتَ عنِ الحَقِّ المُتأكِّدِ لا يُبطلُه؛ لاحتِمالِ تأخُّرِه إلى وَقت يَختارُ فيهِ الخُصومةَ.
وما لم يَقضِ القاضي بيْنَهما فحُكمُ الطَّلاقِ والظِّهارِ والإيلاءِ والمِيراثِ قائمٌ بينَهما، والفُرقةُ تَكونُ فَسخًا لا طَلاقًا؛ لأنَّ الطَّلاقَ تَصرُّفٌ في النِّكاحِ، وهذا فَسخٌ لِأصلِ النِّكاحِ.