للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالَ ظلٌّ زائِلٌ وحالٌ حائِلٌ ومالٌ مائِلٌ يَروحُ ويَغدُو، ولا يَفتخرُ بهِ ذَوُو المُروءاتِ، وإنَّما يَفتخِرُ بهِ أربابُ الرُّعُوناتِ، ولهذا قالَ الشَّاعرُ:

غَنَيْنَا زمانًا بالتَّصَعلُكِ والغِنى … وكُلًّا سَقاناهُ بكاسَيْهِما الدَّهْرُ

فما زادَنا بَغْيًا على ذِي قَرابةٍ … غِنَانا ولا أَزْرَى بأَحْسابِنا الفَقرُ

ولأنَّ الفَقرَ شَرَفٌ في الدِّينِ، وقد قالَ النبيُّ : «اللهُمَّ أَحيِني مِسكِينًا وأَمتنِي مسكِينًا واحشُرني في زُمرةِ المَساكينِ يَومَ القِيامةِ» (١).

وعن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِديِّ أنه قالَ: مَرَّ رَجلٌ على رَسولِ اللهِ فقالَ لرَجلٍ عندَه جالِسٍ: ما رأيُكَ في هذا؟ فقالَ: رَجلٌ مِنْ أشرافِ الناسِ، هذا واللهِ حَرِيٌّ إنْ خطَبَ أنْ يُنكَحَ، وإنْ شَفَعَ أنْ يُشَفَّعَ، قالَ: فسكَتَ رَسولُ اللهِ ، ثُمَّ مَرَّ رَجلٌ فقالَ لهُ رسولُ اللهِ : ما رَأيُكَ في هذا؟ فقالَ: يا رسولَ اللهِ هذا رَجلٌ مِنْ فقَراءِ المسلمِينَ، هذا حَرِيٌّ إنْ خطَبَ أنْ لا يُنكَحَ، وإنْ شفَعَ أنْ لا يُشفَّعَ، وإنْ قالَ أنْ لا يُسمَعَ لقَولِه، فقالَ رَسولُ اللهِ : «هذا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأرضِ مِثلَ هذا» (٢)، وليسَ هو أمرًا لازِمًا، فأشبَهَ العافيةَ مِنْ المَرضِ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٢٣٥٢)، وابن ماجه (٤١٢٦).
(٢) رواه البخاري (٦٠٨٢).
(٣) «أحكام القرآن» لابن العربي (٤/ ١٥٩)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٢، ١٣)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٠٦، ٣٠٧) رقم (١١٤٣)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٢٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ١٠٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٠٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٧١٩)، و «النجم الوهاج» (٧/ ١٢٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٧٩)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦٦١)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٣٠٠)، و «الديباج» (٣/ ٢٢٨)، و «المغني» (٧/ ٢٩)، و «الكافي» (٣/ ٣٢)، و «المبدع» (٧/ ٥٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٧٣، ٧٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٥٣، ١٥٤)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٨٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٩، ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>