للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ على المُوسرةِ ضَررًا في إعسارِ زَوجِها؛ لإخلالِهِ بنَفقتِها ومَؤونةِ أولادِها، ولهذا مَلكَتِ الفَسخَ بإخلالِهِ بالنَّفقةِ، فكذلكَ إذا كانَ مُقارِنًا، ولأنَّ ذلكَ مَعدُودٌ نَقصًا في عُرفِ النَّاسِ، ويَتفاضَلونَ فيه كتَفاضُلِهم في النَّسبِ وأبلَغَ، قالَ نبيهُ بنُ الحجَّاجِ السَّهمِيُّ:

سَألَتَاني الطَّلاقَ أنْ رَأَتاني … قَلَّ مالي قدْ جِئتُماني بِنُكْرِ

وَيْكَأنَّ مَنْ له نَشَبٌ مُحَبَّبٌ … ومَن يَفتقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ

فكانَ مِنْ شُروطِ الكَفاءةِ كالنَّسبِ.

والمُعتبَرُ في المالِ عندَ الحَنفيةِ أنْ يكونَ مالِكًا للمَهرِ والنَّفقةِ، والمُرادُ بالمَهرِ المَهرُ المُعَجَّلُ، وهو ما تَعارَفُوا تَعجيلَه، ولا يُعتبَرُ الباقي ولو كانَ حالًّا، وبالنَّفقةِ أنْ يَكتَسبَ كلَّ يَومٍ قَدْرَ النَّفقةِ وقدْرَ ما يحتاجُ إليهِ مِنْ الكِسوَةِ، ولا يُعتبَرُ أنْ يكونَ مُساوِيًا لها في الغِنى، فإذا كانَ الزَّوجُ قادرًا على مَهرِ مثلِها ونَفقتِها يَكونُ كُفئًا لها وإنْ كانَ لا يُساويها في المالِ.

وقيلَ: إنْ كانَ ذا جاهٍ كالسُّلطانِ والعالِمِ يَكونُ كُفئًا وإنْ لَم يَملِكْ إلا النَّفقةَ؛ لأنَّ الخَللَ يَنجبِرُ بهِ، ومِن ثَمَّ قالُوا: الفَقيهُ العَجميُّ يَكونُ كُفئًا للعَربيِّ الجاهِلِ.

وقيلَ: إنَّ النَّفقةَ تُعتبَرُ نَفقةَ ستَّةِ أشهرِ، وقيلَ: نَفقة شَهرٍ.

وقيلَ: إذا كانَ يَجِدُ نَفقتَها ولا يجِدُ نَفقةَ نفْسِه يكونُ كُفئًا، وإنْ لم يَجِدْ نَفقتَها لا يكونُ كُفئًا وإنْ كانَتْ فَقيرةً، ولو كانَتِ الزَّوجةُ صَغيرةً لا تُطيقُ الجِماعَ فهو كُفءٌ وإنْ لَم يَقدِرْ على النَّفقةِ؛ لأنها لا نَفقةَ لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>