للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفسِها، فحُرمةُ الإحرامِ في النظرِ أيضًا كذلكَ.

وقد رأَيْنا الرَّضاعَ الَّذي لا يَجوزُ تَزويجُ المرأةِ لِمَكانِه إذا طرَأَ على النكاحِ فسَخَ النكاحَ، وكذلك لا يَجوزُ استِقبالُ النكاحِ عليهِ، وكانَ الإحرامُ إذا طرَأَ على النكاحِ لم يَفسخْه، فالنَّظرُ على ذلكَ أيضًا أنْ يكونَ لا يَمنعُ استقبالَ عُقدةِ النكاحِ، وحُرمةُ الجِماعِ بالإحرامِ كحُرمتِه بالصيامِ سَواءٌ، فإذا كانَتْ حُرمةُ الصيامِ لا تَمنعُ عقْدَ النكاحِ فكذلكَ حُرمةُ الإحرامِ لا تَمنعُ عُقدةَ النكاحِ أيضًا، فهذا هو النظرُ في هذا البابِ، وهو قولُ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ ومُحمدٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ القُرطبيُّ : واختَلفُوا في نكاحِ المُحرِمِ.

فقالَ مالِكٌ والشافعيُّ واللَّيثُ والأوزاعِيُّ وأحمدُ: لا يَنكحُ المُحرمُ ولا يُنكِحُ، فإنْ فعَلَ فالنكاحُ باطِلٌ، وهو قولُ عُمرَ بنِ الخطَّابِ وعليٍّ وابنِ عُمرَ وزَيدِ بنِ ثابتٍ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: لا بأسَ بذلكَ.

وسَببُ اختِلافِهم تَعارُضُ النقلِ في هذا البابِ، فمِنها حَديثُ ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ رسولَ اللهِ نكَحَ مَيمونةَ وهو مُحرِمٌ»، وهو حَديثٌ ثابِتُ النقلِ خرَّجَه أهلُ الصَّحيحِ، وعارَضَه أحادِيثُ كَثيرةٌ عن مَيمونةَ «أنَّ رسولَ اللهِ تزوَّجَها وهو حَلالٌ»، قالَ أبو عُمرَ: رُويَتْ عنها مِنْ


(١) «شرح معاني الآثار» (٢/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>