للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه قَولٌ رابعٌ: وهو أنَّ النكاحَ لا يَجوزُ إلا بشاهدَينِ، ويَجوزُ أنْ يكونَا أعمَيَينِ أو مَحدودَينِ في قَذفٍ أو فاسقَينِ، ولا يَجوزُ لو كانَا عبدَينِ، هذا قولُ أصحابِ الرأيِ.

وأجازُوا النكاحَ بشَهادةِ الفاسقَينِ المُجمَعِ على فِسقِهما، وأبطَلُوا النكاحَ بشَهادةِ العبدَينِ اللَّذينِ قد اختَلفُوا في قَبولِ شهادتِهما، والنظرُ دالٌّ على قَبولِ شَهادتِهما.

قالَ أبو بكرٍ: وليسَ يَثبتُ عن النبيِّ شَيءٌ في إثباتِ الشاهِدَينِ في النكاحِ، وكانَ يَزيدُ بنُ هارونَ يَعيبُ أصحابَ الرأيِ، يقولُ: أمَرَ اللهُ ﷿ الإشهادَ على البَيعِ فقالَ: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] الآيَة، وأمَرَ بالنكاحِ ولم يأمُرْ بالإشهادِ عليهِ، وزعَمَ أصحابُ الرأيِ أنَّ البَيعَ جائزٌ وإنْ لم يُشهَدْ عليه، وأبطَلُوا النكاحَ الذي لم يأمُرِ اللهُ بالإشهادِ عليهِ.

قالَ أبو بكرٍ: فإنِ اعتَرضَ مُعتَرِضٌ فاعتَلَّ بخبَرِ ابنِ عبَّاسٍ، فبِإزاءِ ابنِ عبَّاسٍ مِنْ أصحابِ رسولِ اللهِ الذينَ أجازُوا النكاحَ بغيرِ شُهودٍ ابنُ عُمرَ وابنُ الزُّبيرِ والحسَنُ بنُ عليِّ، مع أنَّ الخبَرَ الثابِتَ عن رسولِ اللهِ يَدلُّ على صِحةِ النكاحِ الذي لم يحضرْ شُهودٌ.

ثبَتَ أنَّ أنسَ بنَ مالكٍ أنه قالَ: «كُنْتَ رَديفَ أبي طَلحةَ فاشتَرَى رَسولُ اللهِ جارِيةً بسَبعِ أرْؤُسٍ، فقالَ الناسُ: ما نَدري أتزوَّجَها أمْ جعَلَها أمَّ ولَدٍ؟ فلمَّا أرادَ أنْ يركَبَ حجَبَها، فعرَفُوا أنه تزوَّجَها».

<<  <  ج: ص:  >  >>