للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليتيمةُ» دَليلٌ على أنَّ غيرَ اليتيمةِ لا تُستأمَرُ، فتُنكَحُ بغير إذنِها، وهي البكرُ ذاتُ الأبِ، بدليلِ قولِه : «الثيِّبُ أحَقُّ بنَفسِها»، ففرَّقَ بتَسميتِه إيَّاها يَتيمةً بينَها وبينَ مَنْ لها أبٌ، فإذا كانَتْ ثيِّبًا فيَلزمُ الأبَ مُؤامَرتُها، ولا يجوزُ نكاحُه عليها بغيرِ إذنها، وإذا كانَتْ بكرًا جازَ له إجبارُها.

وكذلكَ قولُه : «الثيِّبُ أحَقُّ بنَفسِها» فيه دَليلٌ على أنَّ البكرَ وليُّها أحَقُّ منها، وهو الأبُ.

وقد ساوَى رسولُ اللهِ بينَ البكرِ والثيِّبِ في مُشاوَرتِهما في أنفُسِهما، ولم يُفرِّقْ بينَهما إلا في الجَوابِ بالرِّضا، فإنه جعَلَ جوابَ البكرِ بالرِّضا في صُماتِها؛ لاستِحيائِها، وجعَلَ جوابَها بالكراهةِ لذلكَ في الكلامِ؛ لأنه لا حَياءَ عليها في كَراهيتِها كما يكونُ الحَياءُ في رِضاها، ولم يُلزِمْ رسولُ اللهِ الثيِّبَ الرِّضا بالصُّماتِ حتَّى تَتكلَّمَ بالرِّضا؛ لمُفارَقتِها في الحياءِ حالَ البكرِ لِما تَقدَّمَ مِنْ نكاحِها، فقولُ النبيِّ : «الأيِّمُ أحَقُّ بنَفسِها مِنْ وَليِّها، والبِكرُ تُستأْذَنُ في نَفسِها، وإذنُها صُماتُها»، وفي لفظٍ قالَ: «الثيِّبُ أحَقُّ بنَفسِها مِنْ ولِيِّها، والبِكرُ تُستأْمَرُ، وإذنُها سُكوتُها» (١)، فإنه لمَّا جعَلَ الثيِّبَ أحَقَّ بنفسِها مِنْ وَليِّها عُلِمَ أنَّ وليَّ البكرِ أحَقُّ بها مِنْ نَفسِها؛ لأنه لمَّا قسَمَ النِّساءَ قِسمَينِ وأثبَتَ الحقَّ لأحَدِهما دَلَّ على نَفيِه عن الآخَرِ وهي البكرُ، فيكونُ وَليُّها أحقَّ منها بها،


(١) رواه مسلم (١٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>