مُعتبَرًا بدُونِ القِيامِ، كما في سَجدَةِ التِّلاوةِ، وليس القيامُ مُعتبَرًا بدُونِ السُّجودِ، بل لم يُشرع بدُونِه، فإذا سقطَ الأصلُ سقطَ التَّابِعُ ضَرورةً، ولهذا سقطَ الرُّكوعُ عَمَّن سقطَ عنه السُّجودُ، وإن كانَ قادِرًا على الرُّكوعِ وكانَ الرُّكوعُ بمَنزِلةِ التَّابِعِ له، فكذا القيامُ، بل أولَى؛ لأنَّ الرُّكوعَ أشَدُّ تَعظيمًا وإظهارًا لِذُلِّ العُبوديَّةِ مِنْ القِيامِ، ثم لمَّا جُعل تابِعًا له وسقطَ بسُقوطِه، فالقيامُ أَولَى، إلا أنه لو تكلَّف وصلَّى قائِمًا، يَجوزُ؛ لمَا ذكَرنا، ولكن لا يُستحبُّ؛ لأنَّ القيامَ بدُونِ السُّجودِ غيرُ مَشروعٍ، بخِلافِ ما إذا كان قادِرًا على القيامِ والرُّكوعِ والسُّجودِ؛ لأنَّه لم يسقُط عنه الأصلُ، فكَذا التَّابِعُ.
وأمَّا الحَديثُ فنَحنُ نَقُولُ بمُوجِبِه: إنَّ العَجزَ شَرطٌ لكنَّه مَوجودٌ ههنا؛ نَظَرًا إلى الغالِبِ؛ لِما ذكَرنا أنَّ الغالِبَ هو العَجزُ في هذه الحالةِ، والقُدرةُ في غايةِ النُّدرةِ، والنَّادِرُ مُلحَقٌ بالعدمِ، ثم المَريضُ إنما يفارِقُ الصَّحِيحَ فيما يَعجِزُ عنه، فأمَّا فيما يقدِرُ عليه فهو كالصَّحِيحِ؛ لأنَّ المُفارَقةَ لِلعُذرِ؛ فتُقدَّرُ بقَدرِ العُذرِ، حتى لو صلَّى قبلَ وقتِها، أو بغيرِ وُضوءٍ، أو بغيرِ قِراءةٍ عَمدًا أو خَطَأً، وهو يقدِرُ عليها لم يُجزِئهُ، وإن عجَز عنها أومَأَ بغيرِ قِراءةٍ؛ لأنَّ القِراءَةَ رُكنٌ، فتَسقُطُ بالعَجزِ، كالقِيامِ.
ألَا تَرَى أنَّها سَقَطت في حقِّ الأُمِّيِّ، وكذا إذا صلَّى لغيرِ القِبلةِ مُتَعَمِّدًا لذلك، لم يُجزِئه، وإن كانَ ذلك خَطَأً منه أجزَأَه، بأنِ اشتَبهَت عليه القِبلةُ وليس بحَضرَتِه مَنْ يَسأَلُه عنها، فتَحَرى وصلَّى ثم تبيَّن أنَّه أخطَأَ، كما في حقِّ الصَّحِيحِ، وإن كانَ وَجهُ المَريضِ إلى غيرِ القِبلةِ وهو لا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُ وَجهَهُ إلى القِبلةِ ولا يقدِرُ على ذلك بنَفسِه يُصلِّي كذلك؛ لأنَّه ليس في