للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم بعَينِه تعيَّنَ ولم يَصحَّ نكاحُ غيرِه ممَّن لم تأذَنْ؛ لعدمِ الإذنِ، وإنْ أذنَتْ لكلِّ واحدٍ منهم أنْ يزوِّجَها صَحَّ التزويجُ مِنْ كلِّ واحدٍ منهم؛ لأنَّ سبَبَ الولايةِ مَوجودٌ في كلِّ واحدٍ منهم، والأَولى تقديمُ أفضَلِهم عِلمًا ودِينًا، ثمَّ إنِ استَوَوا في العلمِ والدِّينِ قُدِّمَ أسَنُّهم؛ لأنَّ النبيَّ لمَّا قَدِمَ إليهِ مُحيصةُ وحُويصةُ وعبدُ الرحمنِ بنُ سهلٍ وكانَ أصغَرَهم فقالَ النبيُّ : «كَبِّرْ كَبِّرْ» أي: قَدِّمِ الأكبَرَ، فتقدَّمَ حُويصةُ، ولأنه أحوَطُ للعَقدِ في اجتِماعِ شُروطِه والنظرِ في الحَظِّ.

فإنْ تَشاحُّوا -أي الأولياءُ المُستَوونَ في الدَّرجةِ- أُقرعَ بينَهُم؛ لأنهم تَساوَوا في الحَقِّ وتعذَّرَ الجَمعُ، فإنْ سبَقَ غيرُ مَنْ خرَجَتْ له القُرعةُ فزوَّجَ وقد أذنَتْ لهم صَحَّ التزويجُ؛ لأنه تَزويجٌ صدَرَ مِنْ وليٍّ كاملِ الولايةِ بإذنِ مُولِّيتِه، فصَحَّ منه كما لو انفرَدَ بالولايةِ، ولأنَّ القُرعةَ إنما شُرعَتْ لإزالةِ المُشاحَّةِ.

وإذا زوَّجَ الوليَّانِ المُستوِيانِ في الدَّرجةِ اثنَينِ وعُلِمَ السابقُ منهُما فالنكاحُ له وعَقدُ الثاني باطِلٌ، لحَديثِ سَمرةَ وعُقبةَ مَرفوعًا: «أيُّما امرأةٍ زوَّجَها وليَّانِ فهي للأوَّلِ» رواهُ أبو داودَ، ولأنَّ الأولَ خَلا عن مُبطلٍ والثَّاني تَزوَّجَ زَوجةَ غيرِه، فكانَ باطِلًا كما لو عَلِمَ.

فإذا دخَلَ بها الثَّاني وهو لا يَعلمُ أنها ذاتُ زَوجٍ فُرِّقَ بينَهُما؛ لبُطلانِ نكاحِه؛ فإنْ كانَ وَطئَها وهو لا يَعلمُ فهو وَطءُ شُبهةٍ يجبُ لها بهِ مهرُ المثلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>