أنَّ بُطلانَ نكاحِ الثَّاني إذا لم يَقترنْ به دُخولٌ لا يُوجِبُ تَصحيحَه، فإذا اقتَرنَ به دخولٌ لا يُوجِبُ تصحيحَه كوَكيلَي الزَّوجِ في أختَينِ أو أربَعٍ بعدَ أربَعٍ، ولأنَّ الدخولَ في النكاحِ جارٍ مَجرَى القبضِ في البيعِ، ثمَّ ثبَتَ أنَّ الوكيلَينِ في بيعِ عَبدٍ لو باعَه كلُّ واحدٍ منهُما وأقبَضَه الثاني أنَّ البيعَ للأولِ وإنْ قبضَ الثاني، كذلكَ الوليَّانِ في النكاحِ (١).
وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ المرأةَ إذا أذنَتْ لوَليَّينِ في نكاحِها فزوَّجَها هذا مِنْ رَجلٍ وهذا مِنْ رجلٍ فالنكاحُ ثابتٌ للأولِ منهُما إذا عُرفَ بعَينِه، إلَّا أنْ يتلذَّذَ أو يُجامِعَها الثاني وهو غيرُ عالمٍ بنكاحِ الأولِ فيكونُ النكاحُ للثاني دُونَ الأولِ، وأمَّا إنْ دخَلَ بها وهو عالِمٌ بالأولِ فهي للأولِ، وسَواءٌ أذنَتْ لهُمَا معًا أو مُتعاقبًا، وبه قالَ مِنْ الصَّحابةِ عمرُ بنُ الخطَّابِ، ومِن التابعِينَ عطاءٌ، ومِن الفُقهاءِ الزُّهريُّ؛ استِدلالًا بما رُويَ أنَّ موسَى بنَ طَلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ زوَّجَ أختَه بيَزيدَ بنِ معاوُيةَ بالشامِ وزوَّجَها أخوها يَعقوبُ بنُ طَلحةَ بالحسَنِ بنِ عليٍّ بالمدينةِ، فدخَلَ بها الحسَنُ وهو الثَّاني مِنْ الزوجَينِ ولم يَعلمْ بما تقدَّمَ مِنْ نكاحِ يَزيدَ، فقضَى مُعاويةُ بنكاحِها للحسَنِ بعدَ أنْ أجمَعَ معه فُقهاءُ المَدينةِ، فصارَ مَنْ سِواهُم مَحجوبًا بإجماعِهم؛ ولأنه قد
(١) «الاختيار» (٣/ ١٢١)، و «الدر المختار» (٣/ ١٨)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ١٢٠، ١٢٥)، و «المهذب» (٢/ ٣٩)، و «المغني» (٥/ ٤٥، ٤٧)، و «الكافي» (٣/ ١٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٥١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٣، ٦٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٢، ٥٦٣).