تُنسَبُ إلى أبيها والابنَ يُنسَبُ إلى زوجِها، والزوجُ لا وِلايةَ له على امرأتِه، والأمُّ لا تزوِّجُ نفْسَها، فكذا مَنْ يُدلِي بها.
ولأنَّ ولايةَ النكاحِ إنَّما وُضعَتْ طلَبًا لحَظِّ المرأةِ والإشفاقِ عليها، والابنُ يَعتقدُ أنَّ تَزويجَ أمِّه عارٌ عليهِ، فلا يَطلبُ لها الحَظَّ ولا يُشفقُ عليها، فلمْ يَستحقَّ الولايةَ عليها.
إلَّا إذا كانَ للابنِ تَعصيبٌ بأنْ كانَ ابنَ ابنِ عمِّها جازَ له أنْ يزوِّجَ؛ لأنهُما يَشتركانِ في النسَبِ؛ لأنهُما يَنتسِبانِ إلى مَنْ هو أعلَى منهُما، فجازَ له تَزويجُها كتزويجِ الأخِ لأختِه للأبِ، وكذا لو كانَ وكيلًا لوليِّها أو قاضِيًا؛ لأن البُنوَّةَ لا تقتضِي الولايةَ، لكنَّها ليسَتْ مانِعةً، فإذا وُجدَ معها سَببٌ آخَرُ يقتضِي الولايةَ لم يَمنعْه.
فأما الجَوابُ عن تَزويجِ أمِّ سَلمةَ فمِن ثلاثةِ أوجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ ابنَها زوَّجَها؛ لأنه كانَ مع البُنوَّةِ مُناسِبًا لها؛ لأنَّ عُمرَ بنَ أبي سَلمةَ بنِ عبدِ الأسدِ بنِ هلالِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بنِ مَخزومٍ، فكانَ مِنْ بَني عَمِّها يَجتمِعانِ في عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بنِ مَخزومٍ، فكانَ أقرَبَ عَصباتِها الحاضِرينَ، فزوَّجَها بتَعصيبِ النسَبِ لا بالبنوَّةِ.
والجَوابُ الثاني: أنَّ قَولَه ﷺ: «قُمْ فزوِّجْ أمَّكَ» أي: فجِئْنِي بمَن يزوِّجُ أمَّكَ؛ لأمرَينِ: أحَدُهما: أنَّ أمَّ سَلمةَ قالَتْ: يا رسولَ اللهِ ما لي وليٌّ حاضِرٌ، فأقَرَّها على هذا القَولِ، فدَلَّ على أنه لم لكنْ وليًّا.