للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حُقوقِ الوليِّ الأقربِ؟ أم ذلكَ حَقٌّ مِنْ حُقوقِ اللهِ؟ فمَن لم يَرَ الترتيبَ حُكمًا شَرعيًّا قالَ: يَجوزُ نكاحُ الأبعدِ مع حُضورِ الأقربِ، ومَن رأى أنه حُكمٌ شَرعيٌّ ورأى أنه حَقٌّ للوليِّ قالَ: النكاحُ مُنعقِدٌ، فإنْ أجازَه الوليُّ جازَ، وإنْ لم يُجِزْه انفسَخَ، ومَن رأى أنه حَقٌّ للهِ قالَ: النكاحُ غيرُ مُنعقدٍ، وقد أنكَرَ قومٌ هذا المعنَى في المَذهبِ، أعني: أنْ يكونَ النكاحُ مُنفسِخًا غيرَ مُنعقدٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا زوَّجَها مَنْ غيرُه أَولى منه وهو حاضرٌ ولم يَعضلْها فالنكاحُ فاسدٌ).

هذهِ المسألةُ تَشتملُ على أحكامٍ ثلاثةٍ:

أحَدُها: أنه إذا زوَّجَها الوليُّ الأبعدُ مع حُضورِ الوليِّ الأقربِ فأجابَتْه إلى تَزويجِها مِنْ غيرِ إذنِه لم يَصحَّ، وبهذا قالَ الشافعيُّ.

وقالَ مالكٌ: يَصحُّ؛ لأنَّ هذا وليٌّ له أنْ يزوِّجَها بإذنِها كالأقربِ.

ولنَا: إنَّ هذا مُستحَقٌّ بالتعصِيبِ، فلم يَثبتْ للأبعدِ مع وجودِ الأقربِ كالميراثِ، وبهذا فارَقَ القَريبُ البعيدَ.

الحُكمُ الثاني: أنَّ هذا العقدَ فاسِدٌ لا يَقفُ على الإجازةِ ولا يَصيرُ بالإجازةِ صَحيحًا، وكذلك الحُكمُ إذا زوَّجَ الأجنَبيُّ أو زوَّجَتِ المراةُ المعتبَرُ إذنُها بغيرِ إذنِها أو تزوَّجَ العبدُ بغيرِ إذنِ سَيدِه، فالنكاحُ في هذا كلِّه


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٠، ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>