للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ في مَوضعٍ آخَرَ: المُحرمُ إذا تَزوَّجَ لنَفسِه أو عقَدَ النكاحَ لغيرِه ككَونِه وليًّا أو وكيلًا فإنه لا يَصحُّ؛ لقَولِ النبيِّ : «لا يَنكحُ المُحرِمُ ولا يُنكِحُ ولا يَخطُبُ» رواهُ مسلمٌ.

وإنْ عقَدَ الحلالُ نِكاحًا لمُحرمٍ بأنْ يكونَ وَكيلًا له أو وليًّا عليه أو عقَدَه على مُحرِمةٍ لم يَصحَّ؛ لدُخولِه في عُمومِ الحديثِ؛ لأنه إذا تزوَّجَ له وكيلُه فقدْ نكَحَ، وحَكَى القاضي في كَونِ المُحرمِ وليًّا لغيرِه رِوايتينِ:

إحداهُما: لا تَصحُّ، وهي اختِيارُ الخِرقيِّ.

والثَّانيةُ: تَصحُّ، وهي اختِيارُ أبي بَكرٍ؛ لأنَّ النكاحَ حرِّمَ على المُحرِمِ؛ لأنه في دَواعِي الوَطءِ المُفسِدِ للحَجِّ، ولا يَحصلُ ذلكَ فيه بكَونِه وليًّا لغيرِه.

والأولُ أَولى؛ لدُخولِه في عُمومِ الخبَرِ، ولأنه عَقدٌ لا يَصحُّ للمُحرمِ، فلا يَصحُّ منه كشِراءِ الصَّيدِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه يَجوزُ للمُحرمِ أنْ يليَ عقْدَ النكاحِ لنَفسِه ولغيرِه وأنْ يُوكِّلَ ويتوكَّلَ فيهِ (٢)؛ لِمَا رواهُ مُسلمٌ عن عَمرِو بنِ دِينارٍ عنِ أبي الشَّعثاءِ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ أخبَرَه: «أنَّ النبيَّ تَزوَّجَ


(١) «المغني» (٧/ ١٤٠)، و «الكافي» (١/ ٤٠٢)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٣٤٥).
(٢) «المبسوط» (٤/ ١٩١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ١١٤، ١١٥)، و «شرح معاني الآثار» (٢/ ٢٦٨، ٢٧١)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ١٩٣)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>