للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكالةٍ، قالَ العلماءُ: سبَبَه أنه لمَّا مُنعَ في مدَّةِ الإحرامِ مِنْ العَقدِ لنَفسِه صارَ كالمرأةِ، فلا يَعقدُ لنَفسِه ولا لغيرِه، وظاهِرُ هذا العُمومِ أنه لا فرْقَ بينَ أنْ يزوِّجَ بوِلايةٍ خاصَّةٍ كالابِ والأخِ والعَمِّ ونحوِهم، أو بوِلايةٍ عامَّةٍ وهو السُّلطانُ والقاضي ونائبُه، وهذا هو الصَّحيحُ عندَنا، وبه قالَ جُمهورُ أصحابِنا، وقالَ بعضُ أصحابِنا: يَجوزُ أنْ يزوِّجَ المُحرِمُ بالولايةِ العامَّةِ؛ لأنها يُستفادُ بها ما لا يُستفادُ بالخاصَّةِ، ولهذا يَجوزُ للمُسلمِ تَزويجُ الذمِّيةِ بالوِلايةِ العامَّةِ دونَ الخاصَّةِ.

واعلَمْ أنَّ النهيَ عن النكاحِ والإنكاحِ في حالِ الإحرامِ نهيُ تَحريمٍ، فلو عقَدَ لم يَنعقدْ، سواءٌ كانَ المُحرمُ هو الزوجُ والزوجةُ أو العاقِدُ لهُما بوِلايةٍ أو وَكالةٍ، فالنكاحُ باطلٌ في كلِّ ذلكَ، حتَّى لو كانَ الزَّوجانِ والوليُّ مُحِلَّينِ ووكَّلَ الوليُّ أو الزوجُ مُحرِمًا في العقد لم يَنعقدْ (١).

وقَالُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ قالَ: (ولا يَتزوَّجُ المُحرمُ ولا يزوِّجُ، فإنْ فعَلَ فالنكاحُ باطلٌ).

قولُه: (لا يتزوَّجُ) أي: لا يَقبلُ النكاحَ لنَفسِه، (ولا يُزوِّجُ) أي: لا يكونُ وليًّا في النكاحِ ولا وَكيلًا فيهِ، ولا يَجوزُ تَزويجُ المُحرِمةِ أيضًا، رُويَ ذلكَ عن عُمرَ وابنِه وزَيدِ بنِ ثابِتٍ ، وبه قالَ سعيدُ بنُ المُسيبِ وسُليمانُ بنُ يَسارٍ والزُّهريُّ والأوزاعيُّ ومالكٌ والشافعيُّ.


(١) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٩٤، ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>