ولو وكَّلَ ابنَتَه مَثلًا أنْ تُوكِّلَ رَجلًا في نِكاحِها لا عنها بل عنهُ أو أطلَقَ صَحَّ؛ لأنها سَفيرةٌ بينَ الوليِّ والوَكيلِ، بخِلافِ ما لو وكَّلَتْ عَنها (١).
وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ وزُفرُ والحَسنُ وظاهِرُ الرِّوايةِ عن أبي يُوسفَ إلى أنه يَصحُّ تَوكيلُ المَرأةِ في نِكاحِ غيرِها؛ لأنه يَجوزُ لها أنْ تزوِّجَ نفْسَها.
قالَ المَوصليُّ الحَنفيُّ ﵀: وعِبارةُ النِّساءِ مُعتبَرةٌ في النكاحِ، حتَّى لو زوَّجَتِ الحرَّةُ العاقِلةُ البالِغةُ نفْسَها جازَ، وكذلكَ لو زوَّجَتْ غيْرَها بالوِلايةِ أو الوَكالةِ، وكذا إذا وكَّلَتْ غيرَها في تَزويجِها، أو زوَّجَها غيرُها فأجازَتْ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ وزُفرَ والحَسنِ، وظاهِرُ الرِّوايةِ عن أبي يُوسفَ.
وقالَ مُحمدٌ ﵀: لا يَجوزُ إلَّا بإجازةِ الوليِّ، فإنْ ماتَا قبْلَها لا يَتوارثانِ، ولا يَقعُ طَلاقُه ولا ظِهارُه، ووَطؤُه حَرامٌ.
فإنِ امتَنعَ الوليُّ مِنْ الإجازةِ ذكَرَ الطَّحَاويُّ عن مُحمدٍ: يُجدِّدُ القاضي العقدَ بينَهُما، وذكَرَ هِشامٌ عن مُحمدٍ: فإنْ لم يُجِزْه الوليُّ أُجيزُه أنَا، وكانَ يَومئذٍ قاضِيًا، فصارَ عنهُ رِوايتانِ، ورُويَ عنه أنه رجَعَ إلى قَولِ أبي حَنيفةَ قبلَ مَوتِه بسَبعةِ أيامٍ، وحَكَى الفَقيهُ أبو جَعفرٍ الهِندوانِيُّ: أنَّ امرأةً جاءَتْ إلى مُحمدٍ قبْلَ مَوتِه بثَلاثةِ أيامٍ وقالَتْ: إنَّ لي وَليًّا وهو لا يزوِّجُنِي إلا بعدَ
(١) «الإقناع» (٢/ ٤٠٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٧، ٢٤٨).