للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما -وهو اختِيارُ أبي عليِّ ابنِ أبي هُريرةَ-: أنه لا يَصحُّ تَوكيلُه إلَّا بإذنِها؛ لأنه نائِبٌ عنها، وأشبَهَ الوَكيلَ الَّذي لا يَجوزُ له أنْ يُوكِّلَ فيما هو وُكِّلَ فيه إلَّا عن إذنِ مُوكِّلِه، فعلى هذا إنْ لم يَستأذِنْها الوَليُّ في تَوكيلِه فزوَّجَها الوكيلُ بإذنها أو غَيرِ إذنِها كانَ النكاحُ باطِلًا؛ لفَسادِ الوَكالةِ، ولو استأذَنَها الوليُّ فيه بعدَ عَقدِ الوَكالةِ لم تَصحَّ الوكالةُ حتَّى يستأذِنَها الوليُّ بعدَ إذنِها في تَوكيلِه، فإذا وكَّلَه بعدَ إذنها وكانَ وَكيلًا لهُمَا جَميعًا فإنْ رجَعَتْ في توكيلِه بطَلَتِ الوَكالةُ، ولم يكنْ له أنْ يزوِّجَ.

والوَجهُ الثَّاني -وهو اختِيارُ أبي إسحاقَ المَروزيِّ-: الوَكالةُ جائِزةٌ وإنْ لم يستأذِنْها الوَليُّ في عَقدِها؛ لأنه مُوكَّلٌ في حَقِّ نَفسِه الَّذي ثبَتَ به بالشَّرعِ لا بالاستِنابةِ، فأشبَهَ الأبَ، وخالَفَ الوَكيلَ المُستنابَ، فعلَى هذا تَصحُّ الوَكالةُ وإنْ لم يَستأذِنِ المَرأةَ في عَقدِها، ويكونُ هو وَكيلًا للوليِّ وحْدَه، ولا يُؤثِّرُ فيه مَنعُها، لكنْ ليسَ للوكيلِ أنْ يُزوِّجَها إلَّا بإذنها كما لم يَكنْ ذلكَ لوليِّها المُوكّلِ، فإنْ زوَّجَها بغيرِ إذنها كانَ النكاحُ باطِلًا، سَواءٌ زوَّجَها بكُفءٍ أو غيرِ كُفءٍ، ولو زوَّجَها الوكيلُ بإذنها مِنْ غيرِ كُفءٍ كانَ النكاحُ باطِلًا، سواءٌ أجازَه الوليُّ أو لم يُجِزْه.

وأمَّا تَوكيلُ الزَّوجِ: فإنْ كانَ في تَزويجِ امرأةٍ بعَينِها جازَ أنْ يُوكِّلَ كلَّ مَنْ صَحَّ منه قَبولُ النكاحِ في نَفسِه، وهو مَنْ اجتَمعَتْ فيه ثَلاثةُ شُروطٍ: أنْ يكونَ ذكَرًا بالِغًا، عاقِلًا، وسواءٌ كانَ حُرًّا أو عَبدًا، رَشيدًا أو سَفيهًا؛ لأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>