للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَلمةُ اللهِ إنَّما هي بالعرَبيةِ، ولأنه عدَلَ عن الإنكاحِ والتَّزويجِ مع القُدرةِ، فصارَ كما لو عدَلَ إلى البَيعِ أو التَّمليكِ، فلم يَصحَّ (١).

قالَ الحَنابلةُ: ولا يَصحُّ النكاحُ بغَيرِ العرَبيةِ لمَن يُحسِنُ العرَبيةَ، فإنْ كانَ أحَدُ المُتعاقدَينِ للنكاحِ يُحسِنُ العرَبيةَ دونَ الآخَرِ أتَى الذي يُحسِنُ العرَبيةِ بما هو مِنْ قِبلِه مِنْ إيجابٍ أو قَبولٍ بها -أي بالعرَبيةِ- لقُدرتِه عليهِ، والعاقِدُ الآخَرُ يأتي بما هو مِنْ قِبلِه بلِسانِه -أي بُلَغتِه-، وإنْ كانَ كلٌّ مِنْ العاقدَينِ لا يُحسِنُ لسانَ الآخَرِ تَرجمَ بينَهُما ثِقةٌ يَعرفُ اللِّسانينِ، ولا يُشترطُ تَعدُّدُ الثِّقةِ الذي يُترجِمُ بينَ العاقدَينِ.

ولا بُدَّ أنْ يَعرفَ الشَّاهدانِ اللسانَينِ المَعقودَ بهما؛ ليَتمكَّنَا مِنْ تحمُّلِ الشَّهادةِ؛ لأنها على اللَّفظِ الصادِرِ منهُما، فإذا لم يَعرفاهُ لم يَتأتَّ لهُما الشَّهادةُ بهِ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ومَن قدَرَ على لَفظِ النكاحِ بالعرَبيةِ لم يَصحَّ بغيرِها، وهذا أحَدُ قوليِ الشافعيِّ، وعندَ أبي حَنيفةَ يَنعقدُ؛ لأنه أتَى بلَفظِه الخاصِّ، فانعَقدَ به كما يَنعقدُ بلَفظِ العرَبيةِ.

ولنا: إنَّه عدَلَ عن لفظِ الإنكاحِ والتزويجِ مع القُدرةِ، فلم يَصحَّ كلفظِ


(١) «البيان» (٩/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦٧٧)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٩، ٥٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٦، ٢٣٧)، و «الفروع» (٥/ ١٢٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٩).
(٢) «كشاف القناع» (٥/ ٣٩، ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>