للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الأحوالِ، ثمَّ إنَّ الحَديثَ مَخصوصٌ أيضًا بالزَّوجِ، فإنه لو كانَ مَعها زَوجُها كانَ كالمَحرمِ وأَولى بالجَوازِ، وأمَّا إذا خَلا الأجنَبيُّ بالأجنَبيةِ مِنْ غيرِ ثالثٍ معهُما فهو حَرامٌ باتِّفاقِ العُلماءِ، وكذا لو كانَ معهُما مَنْ لا يُستحَى منه لصِغَرِه كابنِ سَنتينِ وثَلاثٍ ونحوِ ذلكَ؛ فإنَّ وُجودَه كالعَدمِ، وكذا لو اجتَمعَ رِجالٌ بامرأةٍ أجنَبيةٍ فهو حَرامٌ، بخِلافِ ما لو اجتَمعَ رجلٌ بنِسوةٍ أجانِبَ، فإنَّ الصَّحيحَ جَوازُه (١).

وقالَ في «المَجمُوع»: واعلَمْ أنَّ المَحرمَ الَّذي يَجوزُ القُعودُ مع الأجنَبيةِ مع وُجودِه يُشترطُ أنْ يكونَ ممَّن يُستحَى منه، فإنْ كانَ صَغيرًا عن ذلكَ كابنِ سَنتينِ وثلاثٍ ونحوِ ذلك فوُجودُه كالعَدمِ بلا خِلافٍ، ولا فرْقَ في تَحريمِ الخَلوةِ بينَ الصَّلاةِ وغيرِها كما سبَقَ، ويَستوِي فيها الأعمَى والبصيرُ.

ويُستثنَى مِنْ هذا كلِّه مَواضعُ الضَّرورةِ، بأنْ يَجِدَ امرأةً أجنَبيةً مُنقطِعةً في برِّيةٍ ونحوِ ذلكَ، فيُباحُ له استِصحابُها، بل يَجبُ عليهِ ذلكَ إذا خافَ عليها لو ترَكَها، وهذا لا خِلافَ فيه، ويَدلُّ عليهِ حَديثُ عائِشةَ في قِصةِ الإفكِ.

واعلَمْ أنَّ المَحرمَ الذي يَجوزُ القُعودُ معها بوُجودِه يَستوِي فيه مَحرَمُه ومَحرمُها، وفي مَعناهُ زَوجُها وزَوجتُه، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٠٩).
(٢) «المجموع» (٤/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>