للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَفَّيها» (١)، فخَصَّ ذلكَ دُونَ غيرِه، فسقَطَ كلُّ مَذهبٍ يُخالِفُه (٢).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حجَرٍ : قالَ الجُمهورُ: لا بأسَ أنْ يَنظرَ الخاطِبُ إلى المَخطوبةِ، قالُوا: ولا يَنظرُ إلى غيرِ وَجهِها وكَفَّيها، وقالَ الأوزاعيُّ: يَجتهدُ ويَنظرُ إلى ما يُريدُ مِنها إلَّا العَورةَ، وقالَ ابنُ حَزمٍ: يَنظرُ إلى ما أقبَلَ منها وما أدبَرَ منها، وعن أحمَدَ ثَلاثُ رِواياتٍ: الأُولى: كالجُمهورِ، والثَّانيةُ: يَنظرُ إلى ما يَظهرُ غالِبًا، والثَّالثةُ: يَنظرُ إليها مُتجردِّةً (٣).

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يَجوزُ له أنْ يَنظرَ مِنْ المَخطوبةِ إلى ما يَظهرُ مِنها غالِبًا كوَجهٍ ورَقبةٍ ويَدٍ وقَدمٍ، ويُكرِّرُ النَّظرَ ويتأمَّلُ المَحاسِنَ، ولو بلا إذنٍ إنْ أَمِنَ الشَّهوةَ مِنْ المَرأةِ؛ لأنهُ لمَّا أَذِنَ في النَّظرِ إليها مِنْ غيرِ عِلْمِها عُلِمَ أنهُ أَذِنَ في النَّظرِ إلى جَميعِ ما يَظهرُ غالِبًا؛ إذْ لا يُمكِنُ إفرادُ الوَجهِ بالنَّظرِ مع مُشارَكةِ غيرِه في الظُّهورِ، ولأنهُ يَظهرُ غالِبًا


(١) صَحَّ معناهُ عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ، فعن بَكرِ بنِ عبدِ اللَّهِ المُزنِيِّ عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ قالَ: «أتَيتُ النبيَّ فذكَرْتُ له امرأةً أخطُبُها، فقالَ: اذهَبْ فانظُرْ إليها، فإنهُ أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكُما، فأتيتُ امرأةً مِنْ الأنصارِ فخطَبْتُها إلى أبويها وأخبَرتُهما بقولِ النبيِّ فكأنهُما كَرِهَا ذلكَ، قالَ: فسَمِعَتْ ذلكَ المرأةُ وهي في خِدرِها فقالَتْ: إنْ كانَ رسولُ اللَّهِ أمَرَكَ أنْ تَنظُرَ فانظُرْ، وإلَّا فأَنشدُكَ، كأنها أعظَمَتْ ذلكَ، قالَ: فنظَرْتُ إليها فتزَوَّجتُها، فذكَرَ مِنْ مُوافَقتِها» صَحيحٌ تقدَّمَ.
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٨١، ٢٨٢) رقم (١١٢١).
(٣) «فتح الباري» (٩/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>