للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوَرديُّ : إذا أرادَ الرَّجلُ أنْ يتزوَّجَ المرأةَ جازَ له أنْ يَنظرَ إلى وَجهِها وكفَّيها لا غير (١).

قالُوا: لأنَّ غيرَ الوجهِ والكفَّينِ عَورةٌ، ولأنها المَواضعُ التي تَظهرُ مِنْ الزِّينةِ المُشارِ إليها بقولِه تعالَى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾، والحِكمةُ مِنْ الاقتصارِ على ذلكَ أنَّ في الوجهِ ما يُستدَلَّ به على الجَمالِ، وفي اليدَينِ ما يُستدلُّ به على خُصوبةِ البدَنِ (٢).

وقالَ الحَنفيةُ: يَجوزُ أنْ يَنظرَ إلى وَجهِها وكَفَّيها إذا أرادَ تَزويجَها، وإنْ كانَ لشَهوةٍ، وإنَّما يُباحُ النَّظرُ إلى الوَجهِ والكفَّينِ وإنْ خافَ أنْ يَشتهيَها لقَولِه للمُغيرةِ بنِ شُعبةَ حينَ خطَبَ امرأةً: «انظُرْ إليها، فإنهُ أحرَى أنْ يُؤدَمَ بَينكُما»، ولأنَّ مَقصودَه إقامةُ السُّنةِ لا قَضاءُ الشَّهوةِ.

وإذا لم يُمكِنْه النَّظرُ يَجوزُ إرسالُ نحوِ امرأةٍ تَصفُ له حالَها بطَريقِ الأَولى ولو غيرَ الوَجهِ والكفَّينِ (٣).

وقالَ المالِكيةُ: يُندبُ للخاطِبِ أنْ يَنظرَ إلى وَجهِها وكَفَّيها خاصَّةً قبلَ العَقدِ؛ لِيَعلمَ بذلكَ حقيقةَ أمرِها؛ لأنَّ الوجهَ يَدلُّ على الجَمالِ وعَدمِه،


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٤، ٣٥).
(٢) «البيان» (٩/ ١٢١، ١٢٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ١٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٦).
(٣) «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ١٨٣، ١٨٤)، و «شرح معاني الآثار» (٣/ ١٥)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ١٢٣)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٨)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ٣٣٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>