للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسادُه في الصَّداقِ، وأمَّا ما كانَ فَسادُه في العقدِ فمُحالٌ أنْ يَصحَّ بالدُّخولِ، والنكاحُ مُفتقِرٌ إلى صِحةِ العَقدِ، وقد يَنعقِدُ مع السُّكوتِ عنِ الصَّداقِ، فافهَمْ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى أنَّ مَنْ ارتَكبَ الحُرمةَ وخطَبَ مَنْ ركَنَتْ لغيرِ فاسقٍ وعقَدَ فإنَّ نكاحَه يُفسخُ قبلَ الدُّخولِ وُجوبًا بطَلاقٍ مِنْ غيرِ مَهرٍ، فإنْ دخَلَ مضَى النكاحُ وبِئسَ ما صنَعَ.

وإذا وقَعَتِ الخِطبةُ أو المُواعَدةُ في العدَّةِ وتزوَّجَها ولم يُعثَرْ على ذلكَ حتَّى وَطئَ في العدَّةِ أو قبَّلَها أو باشَرَ أو وَطئَها بعدَ انقضاءِ العدَّةِ تأبَّدَ تَحريمُها، أي المُعتدَّة مِنْ مَوتٍ أو طَلاقٍ أو المُستبْرَأة مِنْ زنًا منهُ أو مِنْ غيرِه أو غَصبٍ أو مِلكٍ أو شُبهةِ مِلكٍ، فيتأبَّدُ تَحريمُها بمُقدِّماتِ النكاحِ، أي المُستنِدةِ لعَقدٍ.

أمَّا إنْ قبَّلَ المُعتدَّةَ أو المُستبْرَأةَ مِنْ غيرِه في العدَّةِ مِنْ غيرِ وطءٍ بلا عَقدٍ أو زَنَى بها في العدَّةِ فإنها لا تَحرمُ عليهِ، بل يَجوزُ له أنْ يَتزوَّجَها إذا حلَّتْ؛ لأنه لم يُرِدْ بالزنا تَعجيلَ شيءٍ، وكذا إذا طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا في عدَّتِها فإنها لا تَحرمُ عليهِ بذلكَ؛ لأنه لم يُمنَعْ منها لأجْلِ العدَّةِ، بل لكَونِها لم تَتزوَّجْ بعدَه بزَوجٍ.

وكذا مَنْ تزوَّجَ خامسةً، فإنهُ يُفسخُ ولا يتأبَّدُ تَحريمُها عليهِ بذلكَ


(١) «التمهيد» (١٣/ ٢٢، ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>