وقالَ الإمامُ ابنُ العربيِّ ﵀ بعدَ أنْ ذكَرَ الحَديثَ: وفي ذلكَ مِنْ الفقهِ إحدى عَشرةَ مَسألةً:
الأُولى: لا خِلافَ في أنهُ لا يَجوزُ لأحَدٍ أنْ يَخطبَ على خِطبةِ غيرِه؛ لنهيِ النبيِّ ﷺ عنهُ، وقدِ اختُلفَ في صفةِ الخِطبةِ التي نهَى النبيُّ ﷺ عنها بِناءً على قولينِ:
أحَدُهما: أنْ يَركنَ كلُّ واحِدٍ مِنْ الزَّوجينِ إلى صاحبِه ويتَّفقَا على صَداقٍ مَعلومٍ، يعنِي ولا يَبقَى إلَّا الإعلانُ أو الإشهادُ بالتَّواجُبِ.
الثَّاني: أنه لا تَجوزُ الخِطبةِ إذا تَراكَنَا وإنْ لم يتَّفقَا على صداقٍ، قالَه ابنُ القاسِمِ وابنُ وَهبٍ ومُطرِّفٌ وابنُ الماجشونَ وابنُ عبدِ الحَكمِ والشَّافعيُّ، وساعَدَنا ابنُ نافعٍ على الروايةِ الشُّهرَى عن مالكٍ المَذكورةِ في مُوَطَّئِه.
قالَ الإمامُ الحافِظُ: وتَحقيقُ القولِ في ذلكَ أنَّ للخِطبةِ مَبدأً ومُراوضةً ومُنتهًى، فأمَّا المَبدأُ فلا خِلافَ في جوازِ دُخولِ بعضِها على بعضٍ، وأمَّا المُنتهَى فلا خلافَ في تحريمِ الخِطبةِ فيها، وهي ما إذا لم يَبْقَ إلَّا التواجُبُ فأدخَلَ على ذلكَ أحَدٌ خِطبتَه، وإنَّما القولُ في حالِ المُراوَضةِ، فإنْ تَراكَنَا وتَقاربَا في الرِّضا لكنْ لم يَجْرِ ذِكرُ صَداقٍ فهذا مَوضعُ الخلافِ، مَنْ قالَ: تَجوزُ الخِطبةُ قالَ: لأنَّ الاتفاقَ لم يَقعْ بَعدُ؛ إذْ قد يَذكُرانِ مِنْ الصَّداقِ ما لا