للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَعَ به الفَرقُ بينَ ما يُستَسرُّ بهِ مِنْ الزِّنا ويُعلَنُ مِنْ النكاحِ كانَ واجِبًا في النكاحِ كالوليِّ والشُّهودِ.

والدَّليلُ على صِحةِ ما ذهَبْنا إليهِ مِنْ استِحبابها دونَ وُجوبها هو قولُ جُمهورِ الفُقهاءِ: قولُ اللهِ تعالَى: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٥]، فجعَلَ الإذنَ شَرطًا دونَ الخُطبةِ؛ ولأنَّ النبيَّ حينَ زوَّجَ الواهِبةَ لنَفسِها مِنْ خاطِبِها قالَ: «قد زوَّجتُكَها بما معكَ مِنْ القُرآنِ» فلم يَخطُبْ، ورُويَ «أنَّ رَجلًا مِنْ بَني سُليمٍ خطَبَ مِنْ رَسولِ اللهِ أُمامةَ بنتَ عبدِ المُطَّلبِ فأَنكَحَه ولم يَخطُبْ».

ورويَ أنَّ الحُسينَ بنَ عليٍّ زوَّجَ بعضَ بناتِ أخيهِ الحسَنِ وهو يَتعرَّقَ عَظمًا»، أي لم يَخطُبْ تَشاغُلًا به.

ورُويَ «أنَّ ابنَ عُمرَ زوَّجَ بنتَه فما زادَ على أنْ قالَ: قَدْ زوَّجتُكَها على ما أمَرَ اللهُ تعالى بهِ مِنْ إمساكٍ بمَعروفٍ أو تَسريحٍ بإحسانٍ».

ولأنَّ الخُطبةَ لو وَجبَتْ في النكاحِ لَبطَلَ بتَركِها، وفي إجماعِهم على صِحةِ النكاحِ تَركها دَليلٌ على استِحبابِها دونَ وُجوبها، ولأنَّ النكاحَ عَقدٌ، فلمْ تجبْ فيهِ الخُطبةِ كسائرِ العُقودِ.

فأمَّا الاستِدلالُ بالخبَرِ فلمْ يَخرجْ مَخرجَ الأمرِ فيَلزمُ، وإنَّما أخبَرَ أنهُ أبتَرُ، وليسَ في هذا القولِ دَليلٌ على الوُجوبِ، على أنَّ للخبَرِ سَببًا هو مَحمولٌ عليهِ قد ذكَرْناه في أولِ الكِتابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>