للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنْ اعتُرضَ على هذا بأنَّ الخائِفَ مِنْ العنَتِ مُكلَّفٌ بتَركِ الزِّنا؛ لأنهُ في طَوقِه كما هوَ مُكلَّفٌ بتَركِ التَّزوجِ الحرامِ، فلا يَحِلُّ فِعلٌ مَحرَّمٌ لدَفعِ مُحرَّمٍ.

قالَ الدُّسوقيُّ : والحاصلُ أنهُ لا يَحِلُّ مُحرَّمٌ لدَفعِ مُحرَّمٍ؛ لأنهُ مُكلَّفٌ بتَركِ كلٍّ منهُما، وحِينئذٍ فلا يَصحُّ أنْ يُقالَ: إذا خافَ الزِّنا وجَبَ النِّكاحُ ولو أدَّى للإنفاقِ مِنْ حرامٍ، وقد يُقالُ: إذا استَحكمَ الأمرُ فالقاعِدةُ ارتكابُ أخَفِّ الضَّررَينِ حيثُ بلَغَ الإلجاءَ، ألَا ترَى أنَّ المرأةَ إذا لم تَجدْ ما يَسدُّ رمَقَها إلَّا بالزِّنا جازَ لها الزِّنا (١).

وكذا يَجبُ النكاحُ على المَرأةِ عندَ عَجزِها عَنْ قُوتِها أو سُترتِها (٢).

قالَ اللَّخميُّ : وإنْ كانَتِ امرأةً لا إربَ لها في الرِّجالِ وهيَ عَقيمٌ -قد عَلِمَتْ ذلكَ من نَفسِها- كانَ النكاحُ لها مُباحًا، وإنْ كانَ لها رَغبةٌ وهي قادِرةٌ على التَّعففِ -وكانَتْ غيرَ عَقيمٍ- كانَ مَندوبًا.

وإنْ كانَتْ تَخشَى على نَفسِها الزِّنا ولا يُذهِبُه الصَّومُ كانَ واجِبًا وُجوبًا غيرَ مُوسَّعٍ، وإنْ كانَ يُذهِبُه الصَّومُ كانَ مُوسَّعًا، وكانَتْ بالخِيارِ بينَ النكاحِ أو الصَّومِ، ولا بُدَّ لها مِنْ التلبُّسِ بأحَدِهما، كانَتْ ذاتَ مالٍ أم لا؛ لأنهُ لا


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٦٥)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٣٩٢).
(٢) «مواهب الجليل» (٥/ ٢٤)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٨١، ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>