للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإنْ علِمَ وهو في السَّفرِ فلَم يُشهِدْ على مُطالَبتِه فلا شُفعةَ له):

ظاهِرُ هذا أنَّه مَتى علِمَ الغائِبُ بالبَيعِ وقدِرَ على الإِشهادِ وعلى المُطالَبةِ فلم يَفعَلْ فشُفعتُه تَسقُطُ، سَواءٌ قدِرَ على التَّوكيلِ أو عجَزَ عنه، أو سارَ عُقَيبَ العِلمِ أو أقامَ، وهو ظاهِرُ كَلامِ أَحمدَ في رِوايةِ أَبي طالِبٍ في الغائِبِ له الشُّفعةُ إذا بلَغَه أشهَدَ وإلا فليسَ له شَيءٌ، وهو وَجهٌ للشافِعيِّ.

والوَجهُ الآخَرُ: لا يَحتاجُ إلى الإِشهادِ؛ لأنَّه ثبَتَ عُذرُه فالظاهِرُ أنَّه ترَكَ الشُّفعةَ لذلك فقُبلَ قَولُه فيه.

ولنا: أنَّه قد يَتركُ الطَّلبَ للعُذرِ وقد يَتركُه لغَيرِه، وقد يَسيرُ لطَلبِ الشُّفعةِ وقد يَسيرُ لغيرِه، وقد قدِرَ أنْ يُبيِّنَ ذلك بالإِشهادِ، فإذا لم يَفعَلْ سقَطَت شُفعتُه كتارِكِ الطَّلبِ مع حُضورِه.

وقالَ القاضِي: إنْ سارَ عُقَيبَ عِلمِه إلى البَلدِ الذي فيه المُشتَري من غيرِ إِشهادٍ احتَمَل ألَّا تَبطُلَ شُفعتُه؛ لأنَّ ظاهِرَ سَيرِه أنَّه للطَّلبِ، وهو قَولُ أَصحابِ الرأيِ والعَنبَريِّ وهو قَولٌ للشافِعيِّ.

وقالَ أَصحابُ الرأيِ: له من الأجَلِ بعدَ العِلمِ قَدرُ السَّيرِ، فإنْ مَضى الأجَلُ قبلَ أنْ يَبعثَ أو يَطلُبَ بطَلَت شُفعتُه، وقالَ العَنبَريُّ: له مَسافةُ الطَّريقِ ذاهِبًا وجائِيًا؛ لأنَّ عُذرَه في تَركِ الطَّلبِ ظاهِرٌ، فلم يَحتَجْ معه إلى الشَّهادةِ وقد ذَكَرنا وَجهَ قَولِ الخِرقيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>