البَيعِ ويَمنعُه من التَّصرفِ بعِمارةٍ خَشيةَ أخْذِه منه، ولا يَندفِعُ عنه الضَّررُ بدَفعِ قيمَتِه؛ لأنَّ خَسارتَها في الغالِبِ أكثَرُ من قيمَتِها مع تَعبِ قَلبِه وبَدنِه فيها (١).
إلا أنَّ الحَنفيةَ قالوا: يَجبُ على الشَّفيعِ أنْ يُشهِدَ حينَ العِلمِ بالشُّفعةِ -فإذا ترَكَ الشَّفيعُ الإِشهادَ حينَ علِمَ وهو يَقدِرُ على ذلك بطَلَت شُفعتُه- وهذا يُسمَّى طلَبَ المُواثَبةِ، ثم عليه أنْ يَنهَضَ من مَجلِسِه بعدَ طَلبِ المُواثَبةِ فيَشهدَ على البائِعِ إنْ كانَ المَبيعُ في يَدِه ولم يَكُنْ سلَّمَ إلى المُشتَري، أو يُشهِدَ على المُشتَري أو يُشهِدَ عندَ العَقارِ؛ لأنَّ الحَقَّ مُتعلِّقٌ به.
وصُورةُ هذا الطَّلبِ أنْ يَقولَ: إنَّ فُلانًا اشتَرى هذه الدارَ وأنا شَفيعُها، وقد كُنْتُ طلَبتُ الشُّفعةَ وأَطلُبُها الآنَ؛ فاشهَدوا على ذلك.
فإنْ فعَلَ ذلك المَذكورَ استقَرَّت شُفعتُه ولم تَسقُطْ بعدَه بالتأخيرِ عندَ أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ في رِوايةٍ وهو ظاهِرُ المَذهبِ وعليه الفَتوى؛ لأنَّ الحَقَّ متى ثبَتَ واستقَرَّ لا يَسقُطُ إلا بالإِسقاطِ، وهو التَّصريحُ بلِسانِه كما في سائِرِ الحُقوقِ.
(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٨٥، ٣٨٩)، و «الاختيار» (٢/ ٥٤)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٩٠)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٤٢)، و «اللباب» (١/ ٥٠٣، ٥٠٦)، و «البيان» (٧١٣١، ١٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٤٧، ٢٤٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٣٧، ٣٣٨)، و «المغني» (٥/ ١٨٧)، و «الكافي» (٢/ ٤١٩)، و «المبدع» (٥/ ٢٠٨)، و «الإنصاف» (٦/ ٢٦١، ٢٦٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٧٢، ١٧٣)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١١٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٧٠، ٢٧١).