للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الماوَرديُّ: وصُورتُها في رَجلٍ اشتَرى شِقصًا بثَمنٍ مُؤجَّلٍ، وحضَرَ الشَّفيعُ مُطالِبًا، ففيه قَولانِ: أَحدُهما: وهو قَولُه في القَديمِ -وبه قالَ مالِكٌ-: إنَّ للشَّفيعِ أنْ يَتعجَّلَ أخْذَها، ويَكونَ الثَّمنُ في ذِمتِه إنْ كانَ ثِقةً، وإنْ كانَ غيرَ ثِقةٍ أَقامَ ضَمينًا ثِقةً، قالَ الشافِعيُّ : وهذا أشبَهُ بَصلاحِ الناسِ.

ووَجهُ هذا القَولِ شَيئانِ:

أَحدُهما: أنَّ الشَّفيعَ يَدخلُ مَدخلَ المُشتَري في قَدرِ الثَّمنِ وصِفاتِه، والأَجلِ وصِفاتِه، فاقتَضى أنْ يأخُذَ بمِثلِ الثَّمنِ وأَجلِه.

والثانِي: أنَّ تَعجيلَ المُؤجَّلِ زِيادةٌ في القَدرِ بتَفاضُلِ الأَثمانِ، وليسَ للمُشتَري أنْ يَستَزيدَ، وتأخيرُ الشَّفيعِ تَخَلٍّ له عن حَقِّه، وليسَ للمُشتَري دَفعُ الشَّفيعِ.

والقَولُ الثانِي: وبه قالَ في الجَديدِ -وهو قَولُ أَبي حَنيفةَ-: إنَّ الشَّفيعَ لا يَتعجَّلُ الشِّقصَ بالثَّمنِ المُؤجَّلِ، ويُقالُ له: أنتَ مُخيَّرٌ بينَ أنْ تُعجِّلَ الثَّمنَ فتَتعجَّلَ أخْذَ الشِّقصِ وبينَ أنْ تَصبِرَ إلى حُلولِ الأجلِ فتَدفعَ الثَّمنَ وتأخُذَ الشِّقصَ، ووَجهُ هذا القَولِ شَيئانِ:

أَحدُهما: أنَّ أَخذَ الشُّفعةِ باستِحقاقِ الأَجلِ يَدخلُ في عُقودِ المُراضاةِ، ولا يَدخلُ في الاستِحقاقِ ما لم يَكُنْ مُراضاةً.

والثانِي: أنَّ رِضا البائِعِ بذِمةِ المُشتَري لا يُوجِبُ على المُشتَري أنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>