للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءَ في «المُوطَّأِ»: قالَ مالِكٌ في رَجلٍ اشتَرى شِقصًا في أرضٍ مُشتَركةٍ بثَمنٍ إلى أَجلٍ فأَرادَ الشَّريكُ أنْ يأخُذَها بالشُّفعةِ، قالَ مالِكٌ: إنْ كانَ مَليئًا فله الشُّفعةُ بذلك الثَّمنِ إلى ذلك الأَجلِ، وإنْ كانَ مَخوفًا ألَّا يُؤدِّيَ الثَّمنَ إلى ذلك الأَجلِ فإذا جاءَهم بحَميلٍ ثِقةٍ مَليءٍ مِثلِ الذي اشتَرى منه الشِّقصَ في الأرضِ المُشتَركةِ فذلك له (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ إلى أنَّ المُشتَريَ إذا اشتَرى بثَمنٍ مُؤجَّلٍ فالشَّفيعُ بالخيارِ:

إنْ شاءَ أخَذَها بثَمنٍ حالٍّ، وإنْ شاءَ صبَرَ عن الأخْذِ بعدَ استِقرارِها بالإِشهادِ حتى يَنقَضيَ الأجلُ ثم يأخُذَها.

قالَ الحَنفيةُ: وليسَ له أنْ يأخُذَها في الحالِ بثَمنٍ مُؤجَّلٍ؛ لأنَّ الشَّفيعَ إنَّما يأخُذُ بما وجَبَ بالبَيعِ، والأَجلُ لم يَجِبْ بالبَيعِ، وإنَّما وجَبَ بالشَّرطِ، والشَّرطُ لم يُوجَدْ في حَقِّ الشَّفيعِ، وليسَ الرِّضا به في حَقِّ المُشتَري رِضاءً به في حَقِّ الشَّفيعِ لتَفاوُتِ الناسِ.

ولو اختارَ الشَّفيعُ أخَذَ الدارَ بثَمنٍ حالٍّ كانَ الثَّمنُ للبائِعِ على المُشتَري إلى أجَلِه كما كانَ؛ لأنَّ الأخْذَ من المُشتَري منه بمَنزِلةِ التَّملُّكِ المُبتَدأِ، كأنَّه اشتَرى منه فلا يُوجِبُ بُطلانَ البَيعِ الأولِ، فبَقيَ الأولُ على حالِه فكانَ الثَّمنُ على حالِه إلى أَجلِه (٢).


(١) «الموطأ» (٢/ ٧١٥).
(٢) «تحفة الفُقهاء» (٣/ ٦١)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤١٨)، و «اللباب» (١/ ٥٢١، ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>