الذي سلَّمَ الحُكمَ في هذه المَسألةِ وقد تنازَعَ فيها الفُقهاءُ قَديمًا وحَديثًا على أَحوالٍ أربَعةٍ؟
والمَقصودُ أنَّا إنْ قُلنا: لا يَملِكُ الذِّميُّ بالإِحياءِ، بطَلَ الاستِدلالُ به، وإنْ قُلنا: يَملكُ به، فالفَرقُ بينَه وبينَ تَملُّكِه بالشُّفعةِ من وُجوهٍ ثَلاثةٍ:
أَحدُها: أنَّه بالإِحياءِ لا يُنتزَعُ مِلكُ مُسلمٍ منه، بل يُحيِي مَواتًا لا حَقَّ فيه لأحَدٍ يَنتفِعُ به فهو كتَملُّكِ المُباحاتِ من الحَطبِ والحَشيشِ والمَعادنِ وغيرِها.
الثانِي: أنَّه ليسَ في إِحيائِه ضَررٌ على المُسلمِ ولا قَهرٌ وإِذلالٌ له، بخِلافِ تَسليطِه على إِخراجِه من دارِه وأَرضِه واستِيلائِه هو عليها.
الثالِثُ: أنَّه بالإِحياءِ عامِرٌ للأَرضِ المَواتِ، وفي ذلك نَفعٌ له وللإِسلامِ، بخِلافِ قَهرِه للمُسلمِ وأخْذِ أرضِه ودارِه منه وإِخراجِه منها، فقياسُ الأخْذِ بالشُّفعةِ على الإِحياءِ باطِلٌ.
وعلى هذا يُجابُ عن هذا القياسِ بالجَوابِ المُركَّبِ أنَّه إنْ لم يَكُنْ بينَ الإِحياءِ والأخذِ بالشُّفعةِ فَرقٌ فالحُكمُ فيهما واحِدٌ، وهو عَدمُ المِلكِ بهما، وإنْ كانَ بينَهما فَرقٌ بطَلَ الالتِزامُ به، واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).