للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا الإِجماعُ؛ فقد نقَلَ عَددٌ من العُلماءِ الإِجماعَ على جَوازِ الشُّفعةِ.

قالَ الإِمامُ أَبو بَكرِ بنُ المُنذرِ : ثبَتَ أنَّ رَسولَ اللهِ جعَلَ الشُّفعةَ في كلِّ مالٍ لم يُقسَمْ، فإذا وقَعَت الحُدودُ وصُرِفت الطُّرقُ فلا شُفعةَ.

وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على إِثباتِ الشُّفعةِ للشَّريكِ الذي لم يُقاسِمْ فيما بِيعَ من أرضٍ، أو دارٍ، أو حائِطٍ (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ بَطالٍ بعدَما ذكَرَ حَديثَ جابِرٍ: اتَّفقَ جَماعةُ الفُقهاءِ على القَولِ بهذا الحَديثِ، وأوجَبوا الشُّفعةَ للشَّريكِ في المَشاعِ من الرِّباعِ، وكلِّ ما تأخُذُه الحُدودُ وتَحتَمِلُه القِسمةُ (٢).

وقالَ الإِمامُ الماوَرديُّ : والحُكمُ بالشُّفعةِ واجِبٌ بالنَّصِّ والإِجماعِ، إلا مَنْ شذَّ عن الجَميعِ من الأصَمِّ وابنِ عُليَّةَ فإنَّهما أبطَلاها رَدًّا للإِجماعِ، ومَنعًا من خَبَرِ الواحِدِ، وتَمسُّكًا بظاهِرِ قَولِه : «لا يَحلُّ مالُ امرِئٍ مُسلِمٍ إلا بطِيبِ نَفسٍ منه» (٣)، وهذا خَطأٌ لفُحشٍ مِنْ قائِلِه؛ لأنَّ ما رُويَ في الشُّفعةِ وإنْ لم يَكُنْ مُتواتِرًا فالعَملُ به مُستفيضٌ يَصيرُ به الخَبَرُ كالمُتواتِرِ، ثم الإِجماعُ عليه مُنعقِدٌ، والعِلمُ بكَونِه شَرعًا واقِعٌ، وليسَ في التَّمسكِ بقَولِه : «لا يَحلُّ مالُ امرِئٍ مُسلمٍ إلا بطِيبِ نَفسٍ


(١) «الإشراف» (٦/ ١٥٢)، و «الإجماع» (٥٠٩).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٣٧٦).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>